آخر الأخبار

الروح اليوناني الخالد

حسن الرحيبي 

في قلب اليونان القديمة، وُلدت مدينتان تمثلان وجهين متناقضين للحضارة: أثينا وإسبرطة. فكرتين متصارعتين حول معنى القوة، والحرية، والمجد.

في أثينا، كانت الشوارع تضجّ بالفلاسفة والشعراء، والناس يتجادلون في الساحات حول العدالة والديمقراطية. هناك ظهر سقراط وأفلاطون وأرسطو، وابتُكرت أولى أنظمة الحكم التي منحت المواطنين صوتًا في القرارات. الفن ازدهر، والمسرح ازدهر معه، فكانت المدينة منارة للفكر والجمال.

أما إسبرطة، فكانت على النقيض تمامًا. لا مسارح، لا شعر. معسكر ضخم يعيش فيه الجميع من أجل الحرب. الطفل يدرب منذ السابعة على الصبر وتحمل الألم والطاعة. فالجبن كانت جريمة لا تُغتفر، والمجد يُقاس بحجم التضحيات. في ميدان القتال، لم يكن في العالم جيش أكثر انضباطًا من الإسبرطيين.

لكن المفارقة أن ازدهار اليونان لم يكن ليتحقق دون كليهما. أثينا صنعت الفكر، وإسبرطة حمت حدوده. واحدة انتصرت بالقلم، والأخرى بالسيف. وبينهما، تشكّل جوهر الروح اليونانية التي ألهمت العالم لقرون طويلة.