في مشهد يتكرر يوما بعد يوم، يُستقبل مرتفقو المسبح البلدي “أزلي” بمراكش لا بالترحاب، بل بمزيج من الاستغلال الممنهج و”الحگرة” المكشوفة. فبعد الجدل الذي أُثير حول مخالفة تسعيرة الدخول لكناش التحملات، حيث تم التراجع عن تسعيرة 20 درهمًا والعودة شكليًا إلى 10 دراهم، ظهر شكل جديد من “البلطجة المقننة”: فرض إتاوات غير قانونية وممارسات تبتز المواطن البسيط في عز الصيف وتحت شمس ملتهبة.
فمن يظن أنه سيدخل المسبح ويؤدي فقط ثمن الدخول الرسمي، فهو واهم. فبمجرد اقترابه من الباب، يُفرض عليه أداء “ضريبة” حارس الدراجات، التي تبدأ من 3 دراهم وقد تتجاوز ذلك، مع إلزام المرتفق بالدفع مسبقًا، دون أي تذكرة رسمية أو إيصال. وكأنك دخلت إلى سوق عشوائي لا مرفق عمومي!
ولا تقف الابتزازات عند هذا الحد. فبمجرد أن تقرر إدخال حقيبتك الخاصة، يُطلب منك دفع 5 دراهم، في ما يشبه ضريبة على الأمتعة. أما النعال، فقد دخلت هي الأخرى إلى قائمة الجبايات الجديدة: درهمان عن كل واحدة، دون حياء أو سند قانوني.
والأدهى من كل ذلك، أن هذه الممارسات تُرفق بسيل من الكلام النابي والسلوك العدواني، من طرف مستخدمين يبدو أن اختيارهم تم بعناية لأداء دور “فتوّات المسبح”. تصرفات تسيء إلى سمعة المرفق العمومي، وتضرب في العمق ما تبقى من كرامة المرتفق، الذي يُعامل كما لو دخل إلى معسكر اعتقال، لا إلى فضاء للترفيه والاستجمام.
وفي ظل هذا العبث، يظل المجلس الجماعي ومجلس مقاطعة المنارة في صمت مريب، وكأن الأمر لا يعنيهما. أما السلطة المحلية، فهي الغائب الأكبر، رغم أن كل ما يقع يحدث أمام أنظارها وتحت مسؤوليتها.
إن ما يجري في مسبح أزلي ليس مجرد تجاوز إداري، بل هو نموذج لواقع اختلط فيه التسيب بالاستغلال، والفساد بالصمت المتواطئ. فكيف يُترك مرفق عمومي بهذه الأهمية رهينة لممارسات لا قانونية؟ ومن يحاسب؟ ومن يحمي المواطن من هذا الكمّ من الإهانات اليومية؟
لقد بلغ السيل الزبى، وأصبح لزامًا فتح تحقيق عاجل وشفاف، ومحاسبة كل من تورّط في هذه الممارسات المهينة. فمسبح أزلي ليس استثناء، بل صورة مصغّرة لبلطجة يومية تُمارَس باسم المصلحة العامة، بينما الضحية دائمًا هو المواطن البسيط… الذي لم يعد له حتى حق في السباحة دون إذلال.