آخر الأخبار

الحكومة واجتماعها الاستثنائي.. حين يصبح الشارع لجنة حقيقية للمحاسبة

لا تتحرك الاغلبية الحكومية الا عندما يضطرها الشارع لذلك. فبلاغها اليوم، الذي تحدث عن “اجتماع استثنائي للتفاعل مع الاحتجاجات الشبابية”، ليس سوى اعتراف متاخر بان الغضب الشعبي تجاوز حدود الصمت، وان الحكومة لم تعد قادرة على التغطية على ما يحدث في الميدان. غير ان البلاغ جاء بلغة خشبية مستهلكة، ولم يقدم اي اجابة عن جوهر الازمة.

فما معنى “التفاعل” بعد سنوات من الوعود المؤجلة؟ الشباب الذين خرجوا للاحتجاج لم يطالبوا بمشاريع قوانين مالية ولا بوعود انتخابية جديدة، بل طالبوا بما هو اساسي: تعليم يفتح ابواب الامل، رعاية صحية تحفظ الكرامة، وفرص عمل تعيد الثقة في المستقبل. ومع ذلك، اختارت الاغلبية ان تجعل من اقتراب استحقاقات 2026 محورا اساسيا في نقاشها، كأن همها الاول موقعها الانتخابي لا اوضاع المواطنين.

الاكثر وضوحا ان الملفات التي استهلكت مرارا عادت لتطرح من جديد: الصحة، التشغيل، البنية التحتية، والتعليم. وهي نفسها العناوين التي تتكرر في كل مناسبة دون ان يلمس المواطن اثرها في حياته اليومية. فما جدوى اجتماع “استثنائي” يناقش قضايا عجزت الاجتماعات العادية عن معالجتها طوال الولاية؟

الواقع ان الاجتماع الحقيقي يعقد في الساحات، حيث يرفع الشباب اصواتهم يوميا. هناك تسجل محاضر غضب لا تحتاج الى توقيع وزراء، بل الى ارادة سياسية قادرة على التغيير. اما اجتماعات المكاتب المكيفة، فلا تعدو كونها محاولة لربح الوقت وامتصاص الغضب الشعبي دون حلول عملية.

المغاربة اليوم لا ينتظرون بيانات فضفاضة، بل خطوات ملموسة تعيد الثقة في المؤسسات. فالمسألة لم تعد تحتمل المزيد من الترقيع او المناورة. العد العكسي لولاية الحكومة جار بالفعل، غير ان المحاسبة هذه المرة لن تكون فقط في صناديق الاقتراع، بل في ساحة الشارع التي تحولت الى المنبر الاوضح لمطالب الناس.