منذ إطلاق مشروع “الحاضرة المتجددة” في 2014، كان المواطنون في مراكش يحدوهم الأمل بأن المدينة ستشهد تحولًا جذريًا. وعودٌ كثيرة نُثرت أمامهم: شوارع أنيقة، حدائق غنّاء، معالم تاريخية مُرممة، ومرافق عامة تتماشى مع متطلبات العصر. وعُرضت على صاحب الجلالة تصاميم ومجسمات رائعة لمشاريع كانت تُبشر بمستقبل مشرق للمدينة. لكن ما تحقق على الأرض كان بعيدًا كل البعد عن تلك التصاميم الرائعة، بل كان في واقع الأمر خيبة أمل كبيرة لا تليق بمدينة مراكش، ولا بالوعود التي تم إطلاقها.
ما كان يُعرض على جلالة الملك من تصاميم ومجسمات كانت تعكس رؤى طموحة لمستقبل مراكش، وكأن المدينة ستتحول إلى نموذج حي لعصر حديث يجمع بين التقاليد والابتكار. ولكن الحقيقة كانت عكس ذلك تمامًا. فما كان على الورق من مشاريع وأفكار أنيقة لم يتحقق أبدًا في الواقع، بل تحول إلى مجرد وهمٍ تم ترويجه للمواطنين. مراكش، التي كانت تُبشَّر بنهضة عمرانية كبرى، أصبحت اليوم ضحية لتصاميم لم تجد سبيلها إلى الواقع. مشاريع تم الإعلان عنها باعتبارها إنجازات كبرى لم تكن إلا مجرد شعارات فارغة، ونماذج غير مكتملة تفتقر إلى التنسيق أو الجمالية.
ما تم إنجازه من هذه المشاريع على الأرض كان بعيدًا عن التصاميم التي قدمت، وأقل بكثير من المستوى المتوقع. الشوارع التي وُعدنا بها بالعصرية والتطوير لا تزال مهملة، والمرافق التي كان يُفترض أن تكون نموذجًا للخدمات العامة لا تُحقق الحد الأدنى من الجودة. بعض المشاريع التي تم “إنجازها” تفتقر إلى التنسيق المعماري، وحتى النمط العام للمدينة، الذي كان يُفترض أن يعكس التناغم بين الماضي والحاضر، أصبح مجرد فوضى لا تليق بتاريخ مراكش العريق.
والأسوأ من ذلك، هو أن المسؤولين الذين كانوا يتباهون بهذه التصاميم والمجسمات أمام جلالة الملك لم يقدموا تفسيرًا مقنعًا للفشل الذي وقع على أرض الواقع. المشاريع التي وُعد بها المواطنون تم تنفيذها بطريقة عشوائية تفتقر إلى التنسيق أو حتى الفعالية. بينما استمر المسؤولون في ترويج أكاذيب عن الإنجازات، ظل المواطن المراكشي يواجه واقعًا بائسًا في ظل تأخير المشاريع وفشلها في تحقيق أي تحسن يذكر.
ومن المؤسف أن هذه الإخفاقات لم تُسائل أو تُحاسب أي جهة معنية. الجميع كان يهرب من المسؤولية، ولم يتجرأ أحد على محاسبة من أوصلوا مراكش إلى هذه الحالة المزرية. هؤلاء المسؤولون، الذين استمروا في تقديم صور وردية عن الإنجازات التي كانت مجرد أوهام، قد خانوا الأمانة أمام جلالة الملك والمواطنين على حد سواء.
إن “الحاضرة المتجددة” كانت فرصة حقيقية لمراكش لكي تتقدم نحو المستقبل، ولكن هذه الفرصة أُهدرت بسبب الإهمال والتراخي في التنفيذ. فبدلاً من أن تكون مراكش نموذجًا للتحديث والابتكار، أصبحت مجرد مدينة تُظهر الفارق الكبير بين التصاميم النظرية والواقع الملموس. هذه الأوهام التي تم تقديمها على شكل تصاميم ومجسمات لم تكن سوى وسيلة للتغطية على الفشل المستمر في تنفيذ المشاريع.
إن المسؤولية تقع على عاتق الجميع: من أولئك الذين قدموا التصاميم الخيالية على الورق، إلى من تولوا تنفيذ هذه المشاريع دون أي اهتمام بجودتها أو ملاءمتها لاحتياجات المدينة. حان الوقت لتحمل المسؤولية ومحاسبة كل من تسبب في إهدار هذه الفرصة التي كانت يمكن أن تُحدث تغييرًا حقيقيًا في مراكش.