في خطوة تعكس توجهاً جديداً في تدبير علاقة الدولة بالقطاع الصحي الخاص، أعلن وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، عن إيقاف دراسة عدد من طلبات الدعم التي تقدمت بها مصحات خاصة في إطار تحفيز الاستثمار، موضحاً أن القرار يندرج ضمن مراجعة شاملة لآليات التحفيز العمومي في ظل ورش تعميم الحماية الاجتماعية.
وأوضح الوزير أن الحديث عن “إيقاف دعم المصحات الخاصة” لا يعني قطع التعاون مع هذا القطاع الحيوي، بل يهدف إلى “إعادة تقييم أسس العلاقة بين القطاعين العام والخاص” بعد التحولات التي يشهدها النظام الصحي الوطني.
وقال التهراوي “لم أوقف القطاع الخاص، لكن كانت هناك ستة أو سبعة طلبات دعم استثماري أمام لجنة الاستثمارات، وبعضها نال الموافقة، لذلك قررت التريث لإعادة النظر في كيفية تحفيز الاستثمار بشكل أكثر عدالة وفعالية”.
وأشار الوزير إلى أن توسع التغطية الصحية الشاملة رفع من حجم الطلب على الخدمات الطبية الخاصة، مما زاد من قدرة هذا القطاع على الاستثمار الذاتي دون الحاجة إلى دعم مباشر من المال العام، باستثناء المشاريع الموجهة للمناطق النائية أو ذات الجاذبية المحدودة.
وفي السياق ذاته، انتقد التهراوي ممارسات بعض المصحات الخاصة التي تستقطب الأطر الصحية من المستشفيات العمومية، معتبراً أن ذلك “يخل بتوازن المنظومة الصحية ويضعف أداء القطاع العام”.
وعلى صعيد الإصلاحات الهيكلية، أعلن المسؤول الحكومي عن إطلاق مراجعة للتعريفة المرجعية الخاصة بالأطباء، بالتنسيق مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مبرزاً أن “الأسعار الحالية لم تعد تعكس الواقع الاقتصادي والمهني”، رغم أن تحديدها يبقى من اختصاص الهيئة العليا للصحة.
وزير الصحة كشف عن مشروع رقمنة ورقة العلاج الذي سيدخل حيز التنفيذ ابتداءً من سنة 2026، بهدف تبسيط المساطر الإدارية بين الطبيب والصيدلية ومختلف المتدخلين في المسار العلاجي.
وتأتي تصريحات التهراوي في ظل جدل متصاعد حول الدعم العمومي للمصحات الخاصة، بعدما نفت الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة توصلها بأي دعم من الدولة، وهو ما اعتبره مراقبون تناقضاً يستدعي توضيحات إضافية حول طبيعة الطلبات التي تم توقيف دراستها والأسباب التي دفعت إلى هذا القرار.