آخر الأخبار

البيان العام الصادر عن المؤتمر الوطني الرابع عشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان

إن المؤتمر الوطني الرابع عشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، المنعقد أيام 23، 24 و25 ماي 2025 ببوزنيقة، تحت شعار “نضال وحدوي ضد الفساد والاستبداد والتطبيع، ومن أجل مغرب الديمقراطية وكافة حقوق الإنسان للجميع”؛ بعد وقوفه على مميزات الوضع العام الذي ينعقد فيه وأهم التطورات التي عرفتها حالة حقوق الإنسان، وبعد تقييمه للأوضاع الحقوقية العامة، وطنيا وجهويا ودوليا، وبعد مناقشته للتقرير الأدبي والمالي والمصادقة عليها، يسجل ما يلي:
I. على المستوى الدولي والإقليمي:
تعرف حقوق الإنسان انتكاسة حقيقية وتعطيلا للآليات الأممية الموكول لها حفظ الأمن والسلام العالميين، وتلك المخول لها ضمان احترام حقوق الانسان، إضافة إلى تهميش الأمم المتحدة وعدد من وكالاتها، وافراغ قرارات مجلس الأمن الدولي من مضمونها السياسي، ضدا على قواعد العدالة والمساواة بين الشعوب والدول نفسها، بسبب هيمنة القوى العظمى والغرب الإمبريالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عليه، مما يعكس الانهيار القيمي والأخلاقي لأنظمة بنت خطابها على الديمقراطية وحقوق الإنسان. وقد ترافقت هذه الأوضاع مع صعود اليمين المتطرف ووصوله إلى مراكز القرار في العديد من البلدان، مما أثر سلبا على حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء وتصاعدت موجات العنصرية والإسلاموفوبيا.
تتعرض أغلب شعوب العالم لانتهاك حقها في تقرير المصير، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لجرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي والتهجير القسري والتجويع، وتدمير كل مقومات الحياة من طرف الكيان الصهيوني الغاصب في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، بدعم كامل من القوى الإمبريالية في الغرب، وتواطؤ مكشوف للأنظمة العربية المطبعة، بما فيها المغرب الذي سمح برسو وتموين بواخر حاملة للأسلحة والذخائر موجهة للكيان الصهيوني. وتعد جرائم الإبادة الجماعية المقترفة في حق الشعب الفلسطيني ـ وخاصة في غزة ـ واستمرار للعدوان والاحتلال والاستيطان، جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية عجزت المنظومة الدولية عن إيقافها، مما فضح زيف شعارات العديد من دول العالم حول الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
فالهيمنة السياسية للإمبريالية الأمريكية على مجلس الأمن، واستعمال الفيتو دعما للاحتلال الصهيوني وتمكينه من الحصانة السياسية للإفلات من العقاب ــ رغم بشاعة الجرائم المرتكبة من طرفه ــ تشجيع للكيان الغاصب على الغلو في جرائمه البشعة واستمرار ارتكاب فظاعاته ضد الشعب الفلسطيني.
إن السياق الدولي الحالي ــ بما يعيشه من افتعال للحروب والنزاعات (العدوان على غزة واليمن وسوريا ولبنان) والحرب الأوكرانية الروسية، والحرب الأهلية المدمرة في السودان، والتصعيد الخطير بين الهند وباكستان، والإمعان في حصار إيران وبعض دول الأمريكية اللاتينية (فنزويلا، كوبا) وغيرها ــ يعرف تراجعات خطيرة على مستوى حقوق الإنسان ويتسم بضرب مقدرات الشعوب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية عبر تحكم الشركات متعددة الاستيطان والمؤسسات المالية الإمبريالية في القرار السياسي، والدفع ببعض دول الجنوب للمزيد من التخلف مما أدى إلى معاناة العديد من شعوب العالم، وإن بشكل متفاوت، وتوسع رقعة الفقر وتزايد استغلال العاملات والعمال والفلاحين الصغار والمهاجرات والمهاجرين، وضرب السيادة الغذائية والأمن الطاقي للشعوب، وتدمير بيئتها واستنفاذ مواردها الطبيعية وتهديد أمنها، واستنزاف مواردها ومقدراتها في التسلح.
وينعكس تردي الأوضاع الدولية على المستوى العربي والمغاربي، سلبا باستغلال قوى الاستبداد والفساد لموازين القوى العالمية، لارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان والعصف ببعض المكتسبات الديمقراطية وضرب الحريات. إذ لم يتوقف استهداف النشطاء وقمعهم واعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان والمطالبين بالديمقراطية وحل المنظمات الحقوقية في كل دول المنطقة؛ فيما تعرف المنطقة إعادة احتلال مساحات في جنوب لبنان وجبل الشيخ في سوريا، التي تعيش تحت وطأة التدخلات الأجنبية، واستهداف الطائفة العلوية من طرف النظام القائم الذي يرتكب جرائم بشعة في حق الشعب السوري.
أما على مستوى إفريقيا، فتعيش تحت أطماع الإمبرياليات التي تستهدف خيراتها الطبيعية، حيث أصبحت العديد من المناطق حقلا لاستغلال النفوذ والتوسع والصراع بين الإمبرياليات، التي تطمح إلى تعويض هيمنة الإمبريالية الفرنسية التي تراجعت بعد طرد عملائها من بعض الدول الإفريقية.
وبالمقابل، لم تمنع هذه الأوضاع الشعوب والأمم الحرة من التمسك بخيار المقاومة بكافة الأشكال، والصمود في وجه الإمبريالية والصهيونية؛ إضافة إلى بروز الحركات الاحتجاجية خاصة وسط الشباب والمثقفين، وأساسا في الولايات المتحدة الأمريكية؛ كما برزت وسط بعض التيارات السياسية في أوروبا، وتطورت مواقف بعض الدول الغربية للتعبير عن تضامنها وإدانتها لجرائم الكيان الصهيوني على غزة والقطاع، وارتفاع أصوات بعض الدول تدعو إلى الاعتراف بدولة فلسطين، ومنها من قاطعت الكيان الصهيوني.
وساهمت مقاومة الشعوب ـ وبعض الحكومات الممثلة لشعوبها ـ في استصدار أحكام قضائية (قرار محكمة العدل الدولية، قرار المحكمة الجنائية الدولية) التي وضعت الكيان الصهيوني أمام المساءلة القضائية لأول مرة، ومكنت من التأثير على السردية الصهيونية المؤسسة على اعتبار الكيان ضحية وعلى إنكار الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.
II. على المستوى الوطني:
استغلت الدولة السياق الدولي المتردي لإحكام قبضتها الأمنية على كل مفاصل الحياة، وتصعيد هجمتها العدوانية على الحركة الحقوقية والديمقراطية، والتضييق على المواطنين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين والمنتقدين لسياساتها والنقابيين والصحافيين والمحامين والمدونين والطلبة والمعطلين والمناهضين للتطبيع، نساء ورجالا. وواصلت قمعها للحركات الاحتجاجية المطلبية، ومصادرة الحق في التنظيم، وتسخير القضاء لإصدار الأحكام الجائرة. ناهيك عن التشهير بالمناضلات والمناضلين، واللجوء للمقاربة القمعية بهدف فرض مزيد من التحكم في الفضاء العام ومواقع التواصل الاجتماعي لتكميم الأفواه.
كما استمرت الدولة في نهجها التصفوي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وفي الاستيلاء التعسفي على المزيد من الأراضي وتهجير أصحابها، (أراضي الجموع والسلالية وأراضي الكيش والحبوس، وأراضي القبائل في الصحراء والملك الغابوي والأراضي المملوكة للدولة) وتقديمها كهدايا لمافيا العقار والفلاحين الكبار. كما أقدمت السلطات العمومية على هدم الآلاف من البنايات والمنازل تعسفيا في العديد من المدن (الرباط، الدار البيضاء، مراكش، المحمدية…) بدون تعويض أو إيجاد بدائل لضمان الحق في السكن بدعوى توفير العقار اللازم لاستقبال التظاهرات الكروية.
أما على الصعيد الاجتماعي فقد تفاقمت الأوضاع بسبب الأزمة الاقتصادية التي انعكست على أغلب شرائح وفئات المجتمع؛ إذ ارتفعت الأسعار بشكل مهول، وتفاقمت أوضاع الفقر والهشاشة، وتراجعت القدرة الشرائية لعموم المواطنين والمواطنات، وتزايدت نسبة البطالة التي وصلت لأرقام قياسية غير مسبوقة خاصة في صفوف الشباب، وتدنت الأجور وتجمدت. ينضاف إلى ذلك ما تشهده الشغيلة من إجهاز على حقها في الحماية الاجتماعية، وتسويغ للطرد التعسفي والتسريحات الجماعية اللاقانونية، بالإضافة إلى الإجهاز على حقها في التنظيم النقابي وفي الإضراب الذي كرسه القانون التنظيمي للإضراب بعد فرضه قسرا على الفرقاء الاجتماعيين والشغيلة.
وقد عرف قطاع الصحة بدوره تدهورا مضطردا أمام خوصصة جل المستشفيات والخدمات الصحية، والنقص الحاد في الموارد البشرية واللوجستيكية؛ وهو ما يفضح زيف الخطابات الرسمية المطمئنة بشأن الحماية الاجتماعية.
أما فيما يهم الوضع الاتفاقي والتشريعي، فلا زالت الدولة تمانع في المصادقة على اتفاقية روما، والبرتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن إلغاء عقوبة الإعدام ــ وإن قامت بالتصويت الإيجابي لصالح وقف تنفيذها ــ ولازالت تعرقل استقبال العديد من المقررين الخاصين، وترفض رفع الإعلانين التفسيريين الموضوعين على المادة 2 وعلى الفقرة الرابعة من المادة 15 من اتفاقية “سيداو”، والتصديق على اتفاقية الرضا بالزواج والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج، واتفاقية إسطنبول الخاصة بحقوق النساء، وبعض اتفاقيات منظمة العمل الدولية ـ خاصة الاتفاقية 87 حول الحرية النقابية، والاتفاقية 190 حول العنف في أماكن العمل ـ والاعتراف باختصاص لجنة حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بتلقي الشكاوى، والمصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن الحق في تقديم الشكاوي ضد الأفراد أو المؤسسات التي تخرق الاتفاقية. ولا تزال تتغاضى عن ممارسة التعذيب، ومنها بالأساس تلك المرتكبة من طرف المسؤولين المكلفين بإنفاذ القانون خاصة في مخافر الشرطة والسجون، وترفض تبني تعريف التعذيب في القانون بما يتماشى مع ما ورد في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وبخصوص التعامل مع الآليات التعاقدية، فيسجل التأخير في وضع التقارير الخاصة بالعديد من العهود والاتفاقيات، وتقديم المغالطات في إطار ردود الدولة على أسئلتها وملاحظاتها الختامية.
وفيما يتصل بالتشريعات المحلية، فلازالت غير متلائمة مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب وفي مقدمتها دستور 2011، لما يحمله من تناقضات خاصة ما تعلق بالمرجعية الكونية لحقوق الإنسان بين الديباجة وباقي المواد، وغياب مبادئ الديمقراطية المرتكزة على فصل السلط بسبب تركيزها بيد المؤسسة الملكية. كما تم تمرير العديد من القوانين الأخرى دون إشراك المعنيين عند بلورة مشاريعها.
 والمؤتمر، وهو يؤكد على ضرورة احترام حق الشعب المغربي وإرادته في تقرير مصيره السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي، كإحدى أهم الحقوق المنصوص عليها في الشرعة الدولية، فإنه:
ــ يجدد التعبير عن استيائه من استمرار النزاع حول الصحراء، منذ عشرات السنين مع ما نتج عنه من ضحايا ومآس إنسانية، وإهدار للطاقات الاقتصادية، وعرقلة لبناء الوحدة المغاربية المنشودة، مؤكدا في نفس الوقت على موقف الجمعية بشأن الحل الديمقراطي والفوري للنزاع، والتصدي لكافة الانتهاكات الناتجة عن النزاع مهما كان مصدرها؛
ــ يستنكر استمرار سكوت الدولة عن احتلال اسبانيا لسبتة ومليلية والجزر الشمالية، وتهاونها في المطالبة باسترجاعها، ويشدد على ضرورة العمل على تحريرها وإرجاعها للمغرب؛
ــ يعبر مجددا عن إدانته الصارخة لتوقيع الدولة المغربية يوم عاشر دجنبر 2020 لاتفاقية التطبيع وإمعانها في تطبيع علاقتها مع الكيان الصهيوني لتطال مختلف المجالات، بما فيها المجال العسكري والأمني والسيبراني والمخابراتي، رغم فظاعة حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان وحلفاؤه على الشعب الفلسطيني، ولما يشكله التطبيع من خطر على الشعب المغربي على كافة الأصعدة كإبرامه للعديد من الاتفاقيات العسكرية والأمنية والاقتصادية المكرسة لتبعية أكبر للسياسات الإمبريالية والصهيونية المهددة للسيادة المغربية واستقرار المنطقة ككل؛
ــ يؤكد موقفه من الصهيونية كحركة عنصرية استعمارية عدوانية إحلالية، وما لها من ارتباطات بالإمبريالية العالمية، وما تشكله من تهديد للأمن والسلم في العالم، وإدانته لكل جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، واعتداءاتها المتكررة ضد بلدان المنطقة واستيلائها على أجزاء واسعة من أراضيها، وانتهاكها لكل القوانين الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ودعمها لإحكام الانظمة المستبدة بالمنطقة قبضتها على شعوبها وتمكينها من آليات ذلك، وضمنها تزويدها ببرامج التجسس والمعدات العسكرية؛ ويطالب بإلغاء اتفاقية التطبيع والتراجع عن كل أشكال التعاون مع الكيان الصهيوني، وينادي كافة القوى الديمقراطية ببلادنا، والشعب المغربي عامة إلى مناهضته والتصدي للعدوان الإمبريالي ضد الشعوب؛
ــ يطالب مجددا الدولة المغربية بالتراجع عن كل الاتفاقيات الخاصة بالتبادل الحر غير العادلة والمضرة بمصالح الشعب المغربي، وباستحضارها لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان في العلاقات التجارية الدولية وفي مختلف الاتفاقيات والشراكات التي تعقدها ـ بما فيها التعاون العسكري والأمني والقضائي؛
ــ يؤكد على مطالبته الدولة المغربية بالوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، عبر المصادقة على جميع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وتفعيل تلك التي صادقت عليها؛ بدءا بملاءمة التشريعات المحلية معها، وتنفيذ توصيات لجان حقوق الإنسان والمقررين الخاصين وإخبار الرأي العام بكل المستجدات المرتبطة بها؛
ــ يطالب ـ بشأن منع التعذيب وسوء المعاملة ـ بتفعيل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وضمان استقلاليتها وتيسير مهامها كاملة، طبقا لما هو منصوص عليه في البروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وفتح المجال للزيارات التلقائية للمقررين الخاصين، وفرق العمل التابعة للأمم المتحدة، والكف عن توظيف القضاء في التستر أو الإفلات من العقاب في جرائم التعذيب وغيره من صنوف المعاملة المهينة أو الحاطة بالكرامة الإنسانية؛
ــ يجدد مطلبه بالإفصاح عن نتائج التحقيقات التي فتحتها النيابة العامة حول العديد من القضايا المتعلقة بالوفيات في ظروف غامضة؛ سواء في السجون، أو في ضيافة الشرطة أو أثناء التظاهرات والاحتجاجات؛
ــ يؤكد مطالبته بالمصادقة على اتفاقية روما بشأن الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، وعلى اتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحريات النقابية و190 حول القضاء على العنف في أمكان العمل، وغيرها…
 وفي المجال التشريعي فإن المؤتمر يطالب ب:
ــ ضرورة إقرار دستور ديمقراطي علماني شكلا ومضمونا، لما له من دور مهم في إقرار تشريعات وطنية ترسخ القيم الإنسانية وفي مقدمتها الحرية والكرامة والمساواة والعدالة والسلم والتضامن، ويستجيب للمعايير الكونية لحقوق الإنسان، ويكرس فعليا مبدأ سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطنية، ويرسي السيادة الشعبية، التي تجعل من الشعب أساس ومصدر كل السلط وصاحب السيادة، وينص على فصل حقيقي للسلط وللدين عن الدولة، ويضمن المساواة بين كافة المواطنات والمواطنين والمساواة التامة بين الرجال والنساء ويقر بالعدالة اللغوية، وعلى ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب في كل الجرائم السياسية والمالية والاقتصادية؛
ــ سن إصلاحات تشريعية بما يضمن تنظيم انتخابات حرة ونزيهة كمدخل للانتقال الديمقراطي، واحترام سيادة القانون في الممارسة وعلى كافة المستويات، وتطبيق القانون على الجميع دون تمييز؛
ــ مراجعة فصول قانون المسطرة المدنية التي تتعارض مع قاعدة المساواة أمام القانون، والحق في سلك جميع درجات التقاضي؛
ــ ملاءمة قانون المسطرة الجنائية مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها بما يرفع التضييق على الجمعيات، وغل يد النيابة العامة في قضايا الفساد المالي عبر ما جاءت به المادتان 3 و7 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تتناقض مضامينهما مع الالتزامات الحقوقية للدولة المغربية، ومع الدستور نفسه الذي ينص على تعزيز مشاركة المجتمع المدني في الحياة العامة. وكذا المادة 290 التي تنص على حجية محاضر الضابطة القضائية مما يمس بقرينة البراءة وبالتالي الحق في المحاكمة العادلة؛
ويعبر المؤتمر عن خشيته من سلك نفس المسار المغيب للمقاربة التشاركية لتمرير القانون الجنائي، ويطالب بالمناسبة بإعادة مشروع القانون المجرم للإثراء غير المشروع إلى البرلمان وفتح نقاش عمومي حوله؛
ــ اصلاح جذري لمنظومة العدالة في جانبها المسطري والجزائي، بوضع قوانين جنائية شاملة، تنسجم والمعايير الكونية لحقوق الانسان، وتنبني على قواعد العدل والانصاف، وتكفل كافة الحقوق والحريات، وأساسا حرية الرأي والتعبير، ويحمي حقوق النساء والأطفال، وكافة الحريات الفردية ـ بما فيها حرية العقيدة ـ وينبني على مقاربة فعلية للنوع الاجتماعي، ويوفر آليات البحث الجنائي؛
ــ تطوير المنظومة التشريعية بما يوفر الضمان الفعلي والعملي لاستقلال السلطة القضائية، وتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة ومؤسساتها، والحد من تغول سلطة النيابة العامة وجعل الشرطة القضائية تحت مراقبة السلطات القضائية، والوقف الفوري لتسخير القضاء للانتقام من المعارضات والمعارضين لسياسات الدولة ومؤسساتها، وجره لإصدار أحكام غير عادلة في محاكمات صورية تفتقد لشروط وأسس المحاكمة العادلة؛
ــ مراجعة القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بما يضمن استقلاله واستجابته لمعايير باريس الخاصة بالمؤسسات الوطنية؛ وتقوية ادوار وتوسيع صلاحيات هيئات الحكامة وضمان استقلاليتها على السلطات التنفيذية؛
ــ إقرار خطة وطنية للتربية على حقوق الإنسان والعمل على إشاعة ثقافة حقوق الإنسان في مختلف المجالات وبين مختلف شرائح المجتمع ومن بينها الموظفون المكلفون بإنفاذ القانون، وإعادة الاعتبار للأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان، وإشاعتها، ومراجعة الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتجويدها بمقترحات الحركة الحقوقية.

 وفيما يتعلق بملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لا بد من الإشارة إلى أن مسلسل الانتهاكات الجسيمة لا زال مستمرا ولا زال التعذيب والاعتقال التعسفي أو بسبب الرأي ممارسة ممنهجة، ولا زالت حالات القتل في مخافر الشرطة وفي السجون وغيرها من ضروب المعاملة القاسية والمهينة قائمة؛ لذلك يطالب المؤتمر بتشكيل الهيئة المستقلة للحقيقة، لكشف الحقيقة عن كافة الانتهاكات الجسيمة، وضمنها ملفات ضحايا الاختفاء القسري ومجهولي المصير، وتحديد المسؤوليات وتفعيل مبدأ المساءلة، مع الاعتماد على مقاربة شمولية في مجال جبر الضرر، وإنصاف الضحايا وحفظ الذاكرة والاعتذار الرسمي للدولة، وتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة باعتبارها حدا أدنى، وتأمين الشروط اللازمة لعدم التكرار؛ وذلك بالإسراع بإصلاحات سياسية ودستورية وقانونية وتربوية، ووضع الاستراتيجية الوطنية لعدم الإفلات من العقاب وللتثقيف في مجال حقوق الإنسان.

 وبالنسبة لمكافحة الإرهاب فإن المؤتمر يؤكد موقف الجمعية الثابت من الإرهاب المتجسد في الإدانة المطلقة لأي عمل إرهابي وفي التضامن المطلق مع ضحاياه، ويطالب الدولة بوضع التدابير اللازمة للقضاء عليه وتجفيف منابعه ومسبباته؛ والمتمثلة في احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، والحفاظ على وحدتها، ومناهضة الإمبريالية، وإقرار الديمقراطية، وضمان العيش الكريم للمواطنين (ات)، وتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة والمساواة، وتبني سياسة تعليمية وثقافية وإعلامية تعيد الاعتبار للفكر العقلاني الحداثي المتنور، وتحارب التعصب الديني والتحريض على الكراهية والعنصرية، كما يستنكر الانزلاقات التي يعرفها ملف الاعتقالات في قضايا الإرهاب والتي تغيب فيها ضمانات المحاكمات العادلة والتوظيف السياسي لملف الإرهاب.

 وفيما يتعلق بالاعتقال السياسي، فإن المؤتمر إذ يهنئ كل المعتقلين السياسيين المفرج عنهم بعد قضائهم لمدد محكومياتهم أو على إثر قرار “العفو” يشدد على:
ــ ضرورة وقف كل أشكال الاعتقال بسبب التعبير عن الرأي، وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي (وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف)، من مدافعين ومدافعات عن حقوق الإنسان، وصحافيين ومدونين، ومستعملي وسائط التواصل الاجتماعي، ونشطاء الحراكات الاجتماعية والحركات الاحتجاجية، ونقابيين وطلبة )ومنهم معتقلو تازة الأربعة(، ومعطلين ونشطاء صحراويين (ومنهم معتقلو اكديم ازيك)، ومناهضات ومناهضين للتطبيع، ومواطنات ومواطنين يتم اعتقالهم في إطار الانتقام منهم ومن أقاربهم المنتقدين لسياسات الدولة. ويدين بشدة تعرض معتقلي الرأي لمجموعة من الانتهاكات، منذ لحظة التوقيف وأثناء المحاكمات غير العادلة، التي تتوج بأحكام قاسية؛
ــ مطالبة الدولة بالتفاعل الإيجابي مع القرارات الصادرة عن فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي لفائدة مجموعة من المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وذلك بإطلاق سراح المعتقلين منهم، وجبر ضرر وتعويض المفرج عنهم؛
ــ المطالبة بوقف المتابعات والاستنطاقات والاستفزازات، التي يتعرض لها العديد من النشطاء بسبب الرأي والتعبير، والتجمع السلمي، والإبداع الفني والأدبي، بينهم العديد من مناضلات ومناضلي الجمعية؛
ــ تأكيده استعداد الجمعية واستمراها في النضال إلى جانب عائلات المعتقلين السياسيين، وكافة القوى المناضلة للمطالبة بوضع حد للاعتقال السياسي، والمتابعات بسبب الرأي والتعبير، ومن أجل إطلاق سراح جميع المعتقلات والمعتقلين السياسيين وفي طليعتهم معتقلو حراك الريف ومن نشطاء الحراكات الاجتماعية والحركات الاحتجاجية، ومناضلات ومناضلي الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومناضلات ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والنشطاء الصحراويين، والافراج عن عدد من معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية أو في إطار قانون الإرهاب، أو إعادة محاكمتهم مع تمتيعهم بكافة شروط المحاكمة العادلة.
 أما بالنسبة لمؤسسة القضاء، فإن المؤتمر:
ــ يطالب بضرورة ضمان استقلال السلطة القضائية بما يمكن من الحق في المساواة في الولوج للعدالة لكافة المواطنات والمواطنين، والكف عن توظيف القضاء في الانتقام من النشطاء وكافة المواطنات والمواطنين بسبب التعبير عن الرأي المخالف أو المعارض للدولة ومؤسساتها؛
ــ يعبر عن استيائه من تضرر بعض المواطنات والمواطنين من التمييز بسبب الجنس أو الوضع الاجتماعي أو اللغة أو المعتقد أو اللون (كما هو حاصل في قضايا المتابعين ضمن المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء، وطالبي اللجوء)، أو لأي سبب آخر؛
ولهذا فإنه يطالب ب:
ــ احترام قرينة البراءة على اعتبار أن البراءة هي الأصل، والمحاكمة في حالة سراح، مع ضمان شروط المحاكمة العادلة في جميع القضايا، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وكل المتابعين الذين ثبت انتهاك حقهم في المحاكمة العادلة، وجبر ضررهم؛
ــ التفعيل الأمثل لقانون العقوبات البديلة، بما يضمن تطبيقه دون محاباة أو تمييز، مع ضمان حق الضحايا في الانتصاف والعدل وفي جبر الضرر؛
ــ ضمان الاستقلال الفعلي للنيابة العامة عن الضابطة القضائية، وتقوية استقلال السلطة القضائية عن باقي السلط، والارتكاز على المواثيق الدولية، خاصة مبادئ الأمم المتحدة بشأن استقلالية القضاء، وملاءمة القوانين المتعلقة بالسلطة القضائية معها؛
ــ ضمان حق المواطن (ة) في الولوج إلى القضاء والانتصاف القضائي بشروط ميسرة، وإعمال مساواة الجميع أمام القضاء، والحرص على النظر في مختلف الشكاوى، خاصة تلك المتعلقة بمزاعم التعرض للتعذيب والشطط في استعمال السلطة والاستعمال المفرط واللامتناسب وغير المبرر للقوة أثناء فض الاحتجاجات السلمية؛
ــ تمكين القضاة من الحق في التنظيم المستقل والحق النقابي، بإلغاء الفصل 111 من الدستور، بما يعزز الدفاع عن مبدأ استقلالية القضاء انسجاما مع مقتضيات اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 حول الحريات النقابية.
 وفيما يتعلق بالحق في الحياة والسلامة البدنية والأمان الشخصي فإن المؤتمر، إذ يثمن التصويت الإيجابي للمغرب في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوقيف تنفيذ عقوبة الإعدام، يستنكر استمرار المحاكم في إصدارها، ويؤكد مطالبة الجمعية ب:
ــ إلغاء عقوبة الإعدام من القانون الجنائي وفي قانون العدل العسكري؛
ــ الكشف عن حقيقة الوفيات الذي ذهب ضحيتها العديد من النشطاء على إثر استعمال القوة العمومية، والإفصاح عن نتائج التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة حول الوفيات في ظروف غامضة وترتيب الجزاءات في حق المسؤولين عنها.
 وفي موضوع التعذيب يطالب المؤتمر ب:
ــ تنفيذ التوصيات الصادرة عن اللجنة الأممية المعنية بالاتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وجعل حد نهائي للتعذيب والعنف الممارس، من طرف قوات الأمن والدرك، وموظفي السجون ومختلف أجهزة السلطة الأخرى في خرق سافر لقانون زجر التعذيب، وفتح تحقيق حول مزاعم التعذيب والمعاملة القاسية والماسة بالسلامة البدنية والحاطة من الكرامة، وجعل حد للإفلات من العقاب؛
ــ الرفع من وثيرة عمل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، مع ضمان احترام تام لصلاحياتها واستقلاليتها عن كافة المؤسسات الرسمية بما فيها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مع تعديل قانون المسطرة الجنائية قصد مراجعة ظروف ومدة الحراسة النظرية لضمان سلامة الخاضعين لها، بتمكينهم منذ لحظة التوقيف من زيارة المحامي، وتأمين مراقبة حقيقية للأماكن المخصصة لها؛
ــ تعديل قانون حصانة العسكريين بما يتلاءم ومتطلبات دولة الحق والقانون ويجيز مساءلتهم، وتأمين الحكامة الأمنية الجيدة؛
ــ تمكين الحكومة والبرلمان من مراقبة ومحاسبة كافة الأجهزة الأمنية والمخابراتية التابعة للأمن الوطني، والدرك والجيش، مع توضيح مهامها وصلاحيتها.
 وفيما يخص الحق في احترام الحقوق والحريات الفردية والجماعية، فإن المؤتمر:
ــ يستنكر وبشدة استهتار الدولة بالمواثيق الدولية والقوانين الوطنية، برفض سلطاتها المحلية تسليم وصولات الإيداع لغالبية الهيئات الحقوقية والنقابية والسياسية ولفروع الجمعية، بل ورفض حتى تسلم الملفات القانونية منها، في خرق سافر للحق في التنظيم؛ كما يستنكر عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن، ويدين التضييق على بعض الهيئات بسبب الانتماء السياسي أو الحقوقي لمسؤوليها في انتهاك سافر للدستور ومبدأ المساواة بين المواطنين وما تنص عليه المواثيق الدولية من الحق في الانتماء السياسي واعتناق الآراء السياسية وغيرها، ويدين تمادي الدولة في منع العديد من الجمعيات والتنظيمات النقابية والحزبية من القاعات العمومية ومن المنح والدعم العموميين، ومن تنظيم الأنشطة والتظاهرات مما يعتبر انتهاكا سافرا للحقوق والحريات؛
ــ يطالب بإلغاء الفصول 220 و222 و489 و490 من القانون الجنائي، وكل الفصول المقيدة والمجرمة للحريات الفردية، طبقا لتوصيات الاستعراض الدوري الشامل الأخير الذي خضعت له الدولة المغربية؛
ــ يندد بانتهاك الخصوصية لعدد من المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، واعتراض الاتصالات الخاصة بهم، واستخدام برامج التجسس لمراقبتهم ومحاكمة العديد من النشطاء بسبب مضامين محادثات خاصة او بسبب نشر آراء في فضاءات خاصة على وسائط التواصل الاجتماع؛
ــ يدين ما يتعرض له الحق في التجمع والتظاهر السلميين من انتهاكات جراء المنع واستعمال القوة المفرطة وغير المتناسبة، ويجدد تنديده بالمقاربة القمعية اتجاه المحتجين والمحتجات، وما ينتج عنها من استمرار وتزايد الاعتقالات والمتابعات، والإهانات وممارسة التحرش بالمحتجات أو التهديد به.
وفي هذا الصدد يطالب المؤتمر ب:
ــ رفع الحصار عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والجمعيات الأخرى، وعن كافة الهيئات ضحايا المنع والتضييق، ووقف كل أشكال التعسف على حقها في التنظيم والتجمع السلمي، وفي نشر ثقافة حقوق الإنسان والتربية عليها في المؤسسات التعليمية وعبر وسائل الإعلام العمومية وبين كافة فئات المجتمع وفي جميع الفضاءات، وتمكينها من وصولات الإيداع ومن الدعم العمومي؛
ــ وقف حملات التشهير والتشويه والتحريض ضد الجمعية ومناضلاتها ومناضليها، وكافة النشطاء والفاعلات والفاعلين السياسيين والنقابيين ونشطاء المجتمع المدني؛
ــ خلق مناخ للحرية يضمن حرية الصحافة والنشر والتدوين في مواقع التواصل الاجتماعي، مع نهج سياسة إعلامية ديموقراطية، تتيح للمواطنات والمواطنين تناول القضايا الحقيقية بعيدا عن الابتذال والتفاهة؛ مناخ يمكن من نشر ثقافة حقوق الإنسان والمساواة والمواطنة الحقيقية، كما تنص عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان؛
ــ كفالة الحق في الوصول إلى المعلومة وفي الاستفادة من الفضاء الرقمي، ووقف الانتهاكات التي تطال حرية التعبير في هذا الفضاء، مع احترام وحماية الخصوصية والمعطيات الشخصية، وضمان الحق في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي دون استعماله بما يمس الحقوق والحريات؛
ــ جعل حد لسياسة الخطوط الحمراء المتعارضة مع حرية الرأي والتعبير والعقيدة، والماسة بالحقوق الفردية، عبر إلغاء العديد من فصول القانون الجنائي، وما يسمى بثوابت الأمة.
 وبالنسبة لأوضاع السجون، فإن المؤتمر:
ــ يعبر عن انشغاله العميق بالارتفاع المهول والمضطرد لعدد السجناء والسجينات، وبما تشهده السجون من تواتر حالات الوفيات دون الكشف عن أسبابها، ومن اكتظاظ شديد، وضعف في الرعاية، وسوء المعاملة، وحرمان من الزيارة لأصدقاء وأفراد العائلة الذين لا يحملون نفس الاسم العائلي للمعتقلة أو المعتقل، والمضايقات والحصار الممنهج في حق المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، مما يدفعهم إلى خوض الإضرابات عن الطعام؛
وفي هذا المجال يطالب ب:
ــ مراجعة السياسة الجنائية التي أدت إلى الاكتظاظ، عبر جعل الاعتقال الاحتياطي استثناء، وإعمال المعايير الدولية لمعاملة السجناء والتطبيق الأمثل لقانون العقوبات البديلة؛
ــ تحسين أوضاع السجون على مستوى الإقامة والتغذية والعلاج الطبي، وتنظيم المراسلات والزيارات، ومعاملة السجينات والسجناء، واحترام الحق في متابعة الدراسة والتكوين، وإعداد السجناء للاندماج في المجتمع بعد الإفراج عنهم؛
ــ تطبيق القانون بشأن كل الخروقات التي تطال السجناء والسجينات، وفتح التحقيقات بشأنها وإعلان نتائجها للرأي العام، وأساسا منها حالات الوفيات في السجون، وادعاءات التعذيب وسوء المعاملة، والحرمان من الحقوق المنصوص عليها في قواعد مانديلا الدنيا لمعاملة السجناء؛
ــ تفعيل اللجان الإقليمية لمراقبة السجون، والسماح لكل مكونات الحركة الحقوقية، بدون تمييز، بزيارة السجون والاطلاع على أوضاعها؛
ــ دمقرطة قانون العفو، وإضفاء كامل الشفافية على إجراءاته، خاصة أنه يشكل إحدى الوسائل المهمة لمعالجة معضلة الاكتظاظ، وجبر الأضرار الناتجة عن المحاكمة غير العادلة.
 وبشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، فإن المؤتمر يسجل ما يلي:
ــ إن الواقع الحالي يفضح زيف شعارات الدولة الاجتماعية وخطابات محاربة الفقر، حيث ازداد اتساع أوضاع الهشاشة والفقر؛ كما تفاقمت نسبة البطالة بشكل غير مسبوق، وارتفعت الأسعار بشكل صاروخي، واستشرى الفساد ونهب المال العام وتبذير الثروات الباطنية والبحرية، وجرى استغلال الفرشة المائية بشكل مفرط في زراعات ومنتوجات فلاحية غير ضرورية، مما عرض البلد للإجهاد المائي وندرة المياه في العديد من المناطق؛ وهو ما ينضاف إلى العوامل المهددة للسيادة الغذائية لبلدنا.
ــ تعمق التوزيع غير العادل لثروات البلاد وارتفاع المديونية الخارجية إلى مستويات غير مسبوقة، مما يرهن القرار الاقتصادي لإملاءات الدوائر المالية العالمية، ويحول دون تحمل الدولة مسؤوليتها في توفير جميع الخدمات الاجتماعية الأساسية للمواطنات والمواطنين؛
ــ استمرار الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية كأحد أوجه الفساد المستشري في البلاد، (نهب الأراضي، سطو على الممتلكات العمومية، اختلاس المال العام، امتيازات، رشوة، تهرب ضريبي، غش…)، التي تسببت في نهب ثروات الشعب المغربي، وحرمانه من حقوقه الاقتصادية والاجتماعية.
1. في مجال الحق في الشغل والحقوق الشغلية، يسجل المؤتمر ما يلي:
ــ تحميل الشغيلة، والفئات الهشة والفقيرة والمتوسطة والنساء معيلات الأسر، فاتورة فشل السياسات العمومية، والدفع بها في مزيد من الإقصاء والتهميش والقهر؛
ــ مواصلة الإجهاز على الحقوق الشغلية، وعدم احترام قانون الشغل والحقوق النقابية، مما يؤدي إلى طرد العاملات والعمال، وتعميق الهشاشة في الشغل، في القطاعين الخاص والعام (المناولة، والتعاقد)، واللجوء إلى الحلول الترقيعية (برنامج أوراش)، والخرق السافر لمدونة الشغل على علاتها، واستمرار تجريم وضعف الحماية المخصصة للحريات النقابية، وحرمان بعض الفئات من الحق في التنظيم النقابي؛
ــ الإمعان في انتهاك الحق في الشغل، خاصة وسط الشباب حاملي الشهادات، وتجاهل مطالب الحركة المطلبية الخاصة بهم وفي مقدمتها الجمعية الوطنية لحملة الشهادات بالمغرب.
وبناء عليه يطالب ب:
ــ اعتماد سياسات اقتصادية واجتماعية توفر لجميع المواطنات والمواطنين متطلبات العيش الضرورية لصيانة كرامتهم، وتمتعهم بالحق في التعليم الجيد والسكن اللائق والخدمات الصحية المجانية والملائمة؛
ــ جعل حد للسياسات التي تنتج وتعمق التوزيع غير العادل لثروات البلاد، واتخاذ إجراءات للحد من المديونية الخارجية في أفق إلغائها وتحرير القرار الاقتصادي من إملاءات الدوائر المالية العالمية، وتحمل الدولة مسؤوليتها في توفير جميع الخدمات الاجتماعية الأساسية للمواطنات والمواطنين؛
ــ إحالة تقارير المجلس الأعلى للحسابات على القضاء، وفتح تحقيقات فورية في جميع ملفات الفساد واستغلال النفوذ؛
ــ احترام الحقوق الشغلية والحريات النقابية، بوصفها جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان، وإلغاء كل المقتضيات المعرقلة للحق في الإضراب والعمل النقابي، وفي مقدمتها قانون الإضراب والفصل 288 من القانون الجنائي، والفصل 5 من مرسوم 5 فبراير 1958 بشأن مباشرة الموظفين/ات للحق النقابي، وسائر المقتضيات التشريعية والتنظيمية المنافية للحق الدستوري في الإضراب والحريات النقابية؛
ــ المصادقة على الاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية، وعلى رأسها الاتفاقيات 87 و141 و168، خاصة وأن الدولة لم تصادق على نصف عدد الاتفاقيات الذي يقارب 190 اتفاقية؛
ــ ملاءمة كل قوانين الشغل المحلية مع القانون الدولي، في اتجاه دمقرطتها، وضمان استقرار العمل، وتوفير الأجر العادل والضمانات الاجتماعية التي توفر العيش الكريم، واحترام الحق في الحماية الاجتماعية، والتراجع عن التشريعات التي أجهزت على الحق في التقاعد؛
ــ إقرار المقاربة التشاركية أثناء وضع مشاريع القوانين التي تهم القطاعات الاجتماعية والأجراء بشكل عام، وفي مقدمتها مشروع القانون الخاص بالنقابات؛
ــ سن سياسات اقتصادية واجتماعية تضمن الحق في الشغل والعيش الكريم، وفتح قنوات الحوار مع حركة المعطلين ـ وفي مقدمتها الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين ـ والتجاوب مع مطالبها المشروعة، بدءا بفتح الحوار مع المضربين عن الطعام منهم تفاديا لأي تطورات تمس حقهم في السلامة البدنية وحقهم في الحياة؛
2. في مجال الحق في التعليم، يندد المؤتمر ب:
ــ تمادي الدولة في تخريب المدرسة العمومية، وتشجيع الخوصصة، وتسييد الهشاشة في مجال التوظيف، وتعميق مختلف أوجه التمييز وعدم تكافؤ الفرص في الحصول على تعليم جيد؛
ــ التغاضي على تدهور أوضاع الجامعة المغربية واستشراء الفساد فيها وتواتر حالاته؛ وهو الأمر الذي يزداد سوءا سنة بعد أخرى، مما يمس بمصداقيتها ويشكك في شواهدها، الشيء الذي ينعكس في التصنيف المتدني للمغرب على المستوى الدولي والجهوي والقاري.
3. أما فيما يخص الحق في الصحة، فإن المؤتمر يستنكر:
ــ الإمعان في سياسة الخوصصة، وسوء تدبير القطاع والظروف الصعبة لاشتغال الأطر الصحية، مما صنف المغرب في ذيل الترتيب العالمي في هذا المجال؛
ــ النقص الكبير في الميزانية المرصودة لهذا القطاع، وفي الموارد البشرية، وهشاشة البنيات التحتية، والنقص في الأدوية والتجهيزات، وسوء التسيير والتدبير، وتخلي الدولة عن مسؤوليتها الأساسية في ضمان الحق في الصحة للجميع، وعدم اعتماد الشفافية في الصفقات العمومية للحكومة؛
ــ اختلالات نظام التأمين الإجباري عن المرض، واعتماد معايير غير عقلانية للاستفادة منه، واللجوء للحلول الترقيعية لمواجهة العجز الحاصل في بعض الصناديق، التي تعرضت لسوء التسيير والتدبير أو لاختلاسات أموال المنخرطات والمنخرطين، ومنها ما يسمى بإصلاح التقاعد الذي يتم على حساب حقوق ومكتسبات الأجراء والأجيرات، أو إقدام الدولة على دمج بعض الصناديق …؛
ــ ضعف أو غياب مراقبة الدولة للمرافق الصحية المتعلقة بالقطاع الخاص، مما جعل المواطنات والمواطنين عرضة للمضاربات التي تستنزفهم ماديا؛
ــ الارتفاع المهول للمرضى المصابين بأمراض عقلية ونفسية، (48 في المائة حسب المندوبية السامية للتخطيط)؛ وهو ما يسائل الدولة عن الأسباب الحقيقية لإصابة نصف المغاربة تقريبا بها، وعن الضعف الحاد في البنيات الاستشفائية، والنقص المهول في الأطر الطبية المتخصصة، مما يعرض هؤلاء المرضى للإهمال، والنظام العام للخطر.
4. وفيما يتصل بالحق في السكن اللائق، وقف المؤتمر عند ما يلي:
ــ إن مجموعة عريضة من المواطنات والمواطنين لا زالوا محرومين من سكن لائق يحفظ كرامتهم، ويتوفر على المقومات الأساسية للعيش؛ إضافة إلى تزايد أعداد المشردين بدون مأوى، أو الذين يسكنون في منازل آيلة للسقوط تعرض حياتهم للخطر؛
ــ استمرار الدولة في التعامل بنفس الأسلوب عند التعاطي مع ملف السكن غير اللائق المتمثل في اعتماد المقاربة الأمنية السلطوية، غير عابئة بما ينجم عن ذلك من مس بالعديد من الحقوق الأساسية، نتيجة هدم المساكن وتهجير القاطنين بها، دونما احترام للمعايير والمبادئ الواجب إتباعها أثناء عمليات الإخلاء القسري؛
ــ ضعف وثيرة إعادة بناء المساكن المدمرة جزئيا أو كليا جراء زلزال الحوز لشتنبر 2023، بما في ذلك البنيات التحتية والمؤسسات العمومية، خاصة المؤسسات التعليمية، واستمرار تواجد اغلبية المتضررين في خيام مهترئة، مع إصرار الدولة على حمل ساكنتها على هدمها؛
ــ وجود دواوير في إقليم الحوز لم تباشر فيها أية عملية للبناء إلى اليوم، بدعوى عدم توفر الوعاء العقاري بحكم أن الدوار الأصلي هدمه الزلزال عن آخره؛
ــ سوء تدبير الدولة لمخلفات الزلزال الذي نتجت عنه انتهاكات صارخة لحقوق المتضررين، ولجوئها للمقاربة الأمنية ضد ممثليهم عوض التجاوب مع مطالبهم المشروعة.
ولكل هذا يطالب المؤتمر ب:
ــ الوقف الفوري لسياسة هدم المنازل، بالعديد من المدن، دون تعويض كاف، أو طرح بدائل متفق عليها لحماية السكان من التشرد وضمان حقهم في السكن اللائق؛
ــ ضرورة وضع استراتيجية واضحة للتعامل مع الكوارث الطبيعية؛
ــ تحمل الدولة مسؤوليتها في إعادة بناء ما دمره الزلزال، وضمان حق الساكنة في الاستقرار في منطقتها الأصلية، وتوفير شروط العيش الكريم لها، وفتح تحقيق في الاختلالات التي عرفها تدبير الدولة لمخلفات الزلزال، ونشر نتائجه واتخاذ المتعين بشأنها؛
ــ تفعيل ما ورد في المرسوم الخاص بشأن اعتبار كل إقليم الحوز وشيشاوة وأجزاء من ازيلال وأخرى من إقليمي ورزازات وتارودانت، وأحياء بمراكش، مناطق منكوبة، مما يستوجب استمرار الدعم لساكنتها إلى حين محو الآثار السلبية للزلزال.
5. وفيما يتعلق بالحق في الأرض والماء، يسجل المؤتمر:
ــ تزايد الحركات الاحتجاجية للمدافعات والمدافعين عن هذا الحق، بسبب سياسات طرد السكان من أراضيهم، أو استيلاء ذوي النفوذ عليها، أو نزعها من طرف إدارات الدولة خارج نطاق القانون، وخارج إطار المنفعة العامة، ودون بديل مقبول؛
ــ رغم إيجابية التنصيص قانونيا على استفادة النساء السلاليات من استغلال الأرض، إلا أن نزع تلك الأراضي من أصحابها ومستغليها لمنحها وتفويتها للملاكين العقاريين الكبار والشركات، لا يعمق فقط معاناة الفلاحين الصغار بل يعرض آلاف الأسر للتشريد؛
ــ محاولات السطو الجلي على الآلاف من الهكتارات من أراضي قبائل ايت اوسا بأسا الزاك، وأخرى بالداخلة في الصحراء؛
ــ استفحال أزمة ندرة المياه، بما فيها الماء الصالح للشرب، بسبب قلة التساقطات، والتدبير غير العقلاني للموارد والثروات المائية، واستنزاف الفرشة المائية من قبل المستثمرين الكبار في الزراعات الخاصة بالتصدير والمنتوجات الأكثر استهلاكا للمياه، واستغلال الماء في سقي المنتجعات وملاعب الكولف، مقابل تعمق واقع العطش الذي يتهدد مناطق كاملة بما فيها بعض المدن.
ويعرب المؤتمر بهذا الخصوص عن:
ــ تضامنه مع المدافعات والمدافعين عن الحق في الأرض والماء، مطالبا الدولة بإشراكهم/ن في كل ما يهم أراضيهم/ن، واحترام حقوقهم/ن، وجبر ضرر المتضررين/ات منهم/ن وعدم الإفلات من العقاب للمعتدين عليهم/ن، سواء من رجال السلطة أو ذوي النفوذ؛
ــ تشديده على ضرورة سن قوانين عادلة تضمن الاستفادة من الحق في الأرض والماء بما يحترم حقوق الإنسان، والتراجع عن القانون رقم 83.21 الخاص بإنشاء الشركات الجهوية متعددة الخدمات المخول لها تدبير الماء الصالح للشرب والكهرباء، والذي صدر في غياب الاستشارة مع المعنيين، رغم خطورته باعتباره يهدد سيادة الدولة على قطاع الماء الاستراتيجي؛
ــ مطالبته بتحديد الملك الغابوي، وإيجاد حل لمشكل المراعي والرعي الجائر، الذي يؤدي في الغالب إلى الاعتداء على الفلاحين، وتدمير المحاصيل الزراعية، وينتج عنه مواجهات وصراعات؛ وهذا يتطلب الحد من الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية المرتكبة بشأن نهب الثروات الوطنية والقطع مع اقتصاد الريع والفساد.
6. وبخصوص وضعية الحقوق الثقافية واللغوية عبر المؤتمر عما يلي:
ــ قلقه البالغ بشأن عدم التزام الدولة المغربية بتطبيق المعاهدات الدولية، ذات الصلة، على أرض الواقع، وغياب رؤية استراتيجية للدولة على المستوى الثقافي، وضعف البنيات التحتية، أو انعدامها في العديد من المناطق، وهزالة الميزانية المخصصة للنهوض بالمجال الثقافي، ومحاربتها للثقافة الجادة والتضييق على حرية الكتابة والإبداع؛ حيث لازال العديد من الفنانين والمبدعين محاصرين وممنوعين من الإعلام والفضاء العموميين، كما تجري محاصرة بعض الكتاب ومنع كتبهم من التداول أو من العرض في المعارض…
ــ استمرار اعتبار الدولة للمجال الثقافي كمجال هامشي لا يحظى بالأولوية وبالدعم، مما يساعد على تهميش الحقوق الثقافية، وتقزيم دورها، وحصار الخلق والإبداع؛
ــ رغم مرور أكثر من عقد من الزمن على دسترة ترسيم اللغة الأمازيغية لا زالت أجرأتها الفعلية تراوح مكانها، بل تم التراجع على المكتسبات التي تم تحقيقها سابقا في مجالي التعليم والإعلام، وحصل تقهقر كبير في تدريسها، مما زاد من معاناة المغاربة غير الناطقين بالعربية عند ولوجهم للإدارات ومختلف المؤسسات والمرافق، معاناة تصل حد المنع من استعمالها في بعض المطارات؛
واستنادا إلى ما سبق يطالب المؤتمر ب:
ــ إيلاء أهمية بالغة للثقافة، والرفع من الاعتمادات المخصصة لها، وتقوية البنية التحتية الثقافية وتوزيعها توزيعا مجاليا عادلا؛
ــ مراجعة القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بما يمكن من التسريع بإدماجها في كافة مناحي الحياة، وتعميم تعليمها، وتمكين الناطقين بها من كافة حقوقهم بما فيها حق أبنائهم من التدريس بلغتهم الأم؛
ــ وضع سياسة ثقافية متلائمة مع التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان، والحرص على استفادة عموم المواطنات والمواطنين، وخاصة الشباب والأطفال منهم، من دور الثقافة ودور الشباب والمسارح ودور السينما، وتوفير الكتب والتشجيع على القراءة والإبداع والفن والموسيقى وغيرها؛
7. وبالنسبة للحقوق البيئية يطالب المؤتمر ب:
ــ ضمان الحق في البيئة السليمة، وحماية الموارد المائية والثروة الطبيعية من الاستنزاف والتبذير، ومعاقبة المسؤولين عن نهبها وتلويثها، والعمل على إيجاد الحدائق العمومية والمنتزهات في جميع الأحياء، ووقف اقتلاع الأشجار، وتمكين جميع المواطنين والمواطنات من الحق في الموارد المائية والطبيعية؛
ــ انخراط الدولة في المجهود العالمي من أجل إقرار عدالة مناخية، وإيلاء الاهتمام بالبيئة وعدم تجاهل قضاياها المؤثرة على نوعية الحياة وجودتها، وعلى تمتع المواطنين والمواطنات بكافة حقوقهم/ن الأخرى.

 وفيما يخص حقوق النساء يسجل المؤتمر ما يلي:
ــ أن بلادنا لا زالت بعيدة عن تحقيق المساواة التامة والفعلية بين المرأة والرجل، في كافة المجالات، بما فيها الحقوق المدنية والسياسية؛
ــ رغم مصادقة المغرب على اتفاقية سيداو، ورفع التحفظات عنها جزئيا، والمصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق بها، فإنه أبقى على التصريحات التي تمس بجوهر الاتفاقية، ولا زال لم يَفِ بالتزاماته الدولية بإلغاء القوانين التمييزية ضد النساء في التشريع، في تناقض تام مع تصريحاته الرسمية المعلنة بخصوص انخراطه في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان؛
ــ لازالت أرقام العنف المسلط على النساء مرتفعة، ويحتل المغرب مراتب جد متدنية في المساواة في الفرص بين الجنسين؛ كما تعتبر نسبة المشاركة الاقتصادية للنساء من أضعف النسب في العالم، وتعكس واقع الاستهتار بحقوق النساء من طرف الدولة في تعارض كامل مع الخطابات الرسمية حول المرأة.
ولهذا يطالب الدولة ب:
ــ ملاءمة الترسانة القانونية الوطنية مع التزامات المغرب الدولية في مجال إقرار المساواة التامة بين النساء والرجال؛
ــ التجاوب مع ما جاء في مذكرة مطالب الجمعية بخصوص مدونة الأسرة، من أجل ضمان المساواة التامة بين الجنسين في الأسرة، بما فيها المساواة في النيابة الشرعية على الأبناء وفي الإرث وفي حق التزوج بغير المسلم، والإلغاء التام لتعدد الزوجات، والقضاء على تزويج القاصرات…؛
ــ الإصلاح الجذري للقانون الجنائي والمسطرة الجنائية من أجل ضمان العدالة الجنائية للنساء؛
ــ تعديل قانون هيئة المناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، بما يتلاءم مع المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، ومنها معايير باريس، وعدم حصر دورها في إبداء الرأي الاستشاري واقتراح التوصيات وإنجاز الدراسات وتلقي الشكايات والتقييم، وضمان استقلاليتها وفعاليتها؛ بدءا بآلية التعيين في الهيئة وفي الأجهزة المنبثقة عنها، وفي تشكيلتها؛
ــ تغيير القانون 13-103، لعدم تلاؤمه مع المعايير الأممية ذات الصلة، وقصوره عن حماية النساء من كافة أشكال العنف، بما فيها المؤسساتي؛
ــ احترام حق المرأة في الوقف الإرادي الآمن للحمل تحت الرعاية الطبية، وفي تملك جسدها واحترام رغبتها واستعدادها للحمل والولادة؛
والمؤتمر إذ يعرب عن تضامنه مع كافة النساء ضحايا العنف بكل أصنافه، يعبر عما يلي:
ــ رفضه للعديد من مقتضيات القانون الخاص بحماية العاملات في البيوت (السن ـ الأجرـ ساعات العمل ـ الحماية الاجتماعية ـ المراقبة…)، ويطالب بوضع قانون يحمي هذا الصنف من العاملات، ويضمن حقوقهن المنصوص عليها في اتفاقية سيداو وفي الاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية ذات الصلة؛
ــ يجدد مطالبته بحماية النساء من العنف الاقتصادي، الذي يتعرضن له في المؤسسات الشغلية، في القطاعين العام والخاص، وبشكل أخص العاملات الزراعيات منهن، وضمان المساواة في الأجر بين الجنسين عند تساوي قيمة العمل، وضمان نفس الفرص في تقلد مناصب المسؤولية في القطاع العام للنساء والرجال، واحترام الحق في الأمومة للنساء العاملات؛
ــ مطالبته الدولة بالاهتمام بأوضاع النساء المعرضات للعنف والهشاشة (الأمهات العازبات ـ المهاجرات ـ ذوات الإعاقة ـ ضحايا الاغتصاب ـ السجينات ـ اللواتي يعانين من أمراض عقلية ونفسية – النساء ضحايا الاتجار بالبشر) وإقرار حماية أكبر للضحايا ضمن قانون مكافحة الاتجار بالبشر؛
ــ تضامنه مع نضالات النساء السلاليات، وغيرهن من النساء اللواتي خرجن في احتجاجات ومسيرات متعددة من أجل حقوقهن وحقوق سكان مناطقهن، وفي مقدمتهن نساء منطقة فجيج، التي لا زالت النضالات فيها مستمرة بمشاركة واسعة لهن، رفضا لخوصصة مياه الواحات ولتحقيق مطالب اجتماعية أخرى.
 وبخصوص حقوق الطفل فإن المؤتمر:
ــ يطالب بملاءمة التشريع المغربي مع اتفاقية حقوق الطفل، ورفع التحفظات على المادة 14، وتحديد السن الأدنى للشغل والزواج في 18 سنة دون استثناء، وتوفير الرعاية الصحية والحياة الكريمة لجميع الطفلات والأطفال دون تمييز، والإسراع بالمصادقة على البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية الطفل بشأن تقديم الشكاوى؛
ــ يطالب بوضع سياسات عمومية تستجيب لمتطلبات تمتيع الطفولة بكافة الحقوق التي تكفلها لهم الاتفاقية، وغيرها من الصكوك الدولية ذات الصلة؛
ــ يندد بحرمان فئة واسعة من الطفلات والأطفال من الحق في التعليم، ويطالب بالقضاء على ظاهرة الهدر المدرسي التي بلغت مستويات مهولة، وضمان حق الأطفال في التعلم بلغتهم الأم، وحقهم في التمتع بكامل الصحة الجسدية والنفسية، وضمان حقهم في التربية التي تضمن تفتح شخصيتهم ونموها نموا متوازنا وسليما؛
ــ يستنكر استمرار تشغيل الآلاف من الأطفال والطفلات، وعدم حمايتهم/ن من الاغتصاب والاستغلال الجنسي، ومن العنف والتشرد، وتسخيرهم/ن في التسول، كما يستنكر تساهل القضاء ضد مغتصبي الأطفال بإصداره لأحكام مخففة ضدهم، وإفلات العديد منهم من العقاب؛
ــ يجدد مطلبه القاضي بتجريم البيدوفليا، باعتبارها انتهاكا جسيما لحقوق الطفل، والتصدي الحازم للاستعمال والاستغلال الجنسي للأطفال في المواد الاباحية، والقضاء على السياحة الجنسية التي بدأت تعود بشكل ملحوظ لبلدنا؛
ــ يطالب بتعديل القانون الجنائي بما يجعل من الاعتداءات الجنسية على الأطفال عنفا قائما، عوض التنصيص عن الاغتصاب بعنف والاغتصاب بدون عنف؛
ــ ضرورة الحفاظ على المصلحة الفضلى للطفل، وضمان حقوقه كاملة، في حالة تنازل الوصي عن المطالب المدنية، وذلك بوضعه تحت وصاية قاضي الأحداث أو أي مقدم تحدده المحكمة.
 وبشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن المؤتمر:
ــ يستحضر الواقع المزري للأشخاص ذوي الإعاقة، ويطالب بالإدماج الاجتماعي لهم/ن، وضمان حقهم/ن في الشغل، وتفعيل الكوطا المناسبة لتشغيلهم/ن، وحمايتهم/ن من العنف المسلط عليهم أثناء المشاركة في الاحتجاجات السلمية التي تنظمها جمعياتهم؛
ــ يطالب بتوفير الولوجيات في جميع المؤسسات والأماكن العامة، ووضع حد لمعاناة الكثير من الطفلات والأطفال ذوي الإعاقة الأكثر تعرضا للتمييز، بسبب حرمانهم/ن من التعليم (55,5% منهم/ن لم يتمكنوا/ن من الولوج إلى التعليم، ومن الدعم الاجتماعي).
 وفيما يهم بقضايا الهجرة، فإن المؤتمر:
ــ يعبر عن استيائه وانشغاله العميق من تزايد مآسي المهاجرات والمهاجرين المغاربة، سواء في دول الخليج أو بالدول الغربية، خاصة بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، نتيجة صعود اليمين واليمين المتطرف وانتشار الشعبوية وما نتج عنها من شيوع كبير للخطابات العنصرية ضدهم/ن، وتزايد الإسلاموفوبيا، وثقافة معاداة المهاجرين/ات وتحميل هؤلاء مسؤولية الأزمة التي يعيشها النظام الرأسمالي في الدول الغربية…؛
ــ يستنكر الإجراءات التي تضيق الخناق على المهاجرين/ات بالخارج، بسبب القوانين التي تعتمد المقاربة الأمنية والتراجع عما نصت عليه المواثيق الدولية في هذا المجال، وفي مقدمتها الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، التي لم تصادق عليها العديد من الدول الأوروبية، أو اتفاقية جنيف لحقوق اللاجئين التي تتجاهل مقتضياتها، أو عبر إصدار قوانين جديدة للهجرة لا تحترم كل القواعد الأساسية لحقوق الإنسان، وتنبني بشكل خاص على الهجرة المنتقاة من الأطر الطبية والعلمية؛
ــ يدين بشدة سياسة القمع والعنف الممنهجة الموجهة ضد المهاجرين/ات وطالبي/ات اللجوء ببلادنا، وما نتج عنها من مآسٍ؛ حيث لا زالت الجمعية تطالب بتحقيق دولي في مجزرة باريو تشينو في 24 يونيو 2022، التي أدت إلى سقوط ما لا يقل عن 27 قتيلا والمئات من الجرحى والآلاف من المرحلين قسرا، وتطالب بالكشف عن مصير المختفين منهم، وتحمل المسؤولية عنها للدولتين المغربية والاسبانية؛
ـ يؤكد على رفضه لاستمرار المغرب في لعب دور الدركي لحماية الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي، وفي توظيف ملف الهجرة واللجوء في مفاوضاته مع الاتحاد الأوربي، ويدعو إلى:
• ضمان احترام الحقوق الأساسية للمهاجرين/ات واللاجئين/ات وطالبي/ات اللجوء ببلادنا دون تمييز، في احترام تام لمقتضيات الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وإقرار قوانين جديدة للهجرة واللجوء تتلاءم معها؛
• تحمل المندوبية السامية للاجئين مسؤوليتها كاملة في حماية اللاجئين/ات، وفتح حوارات معهم/ن حول مطالبهم/ن والانفتاح على الهيئات الحقوقية.

 وبخصوص حقوق الشعوب، فإن المؤتمر:
ــ يشيد بالتطور الذي عرفه الاهتمام بحقوق الشعوب داخل الجمعية، ويؤكد انخراطها في كافة الحركات الاجتماعية المناهضة للحروب وللعولمة الليبرالية المتوحشة وللصهيونية، كحركة استعمارية وعنصرية وعدوانية، وخاصة في الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع والنضال من أجل إسقاطه وتجريمه؛
ــ يجدد تنديده وغضبه من تخاذل المنتظم الدولي، ومشاركة الدول الامبريالية الغربية في حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويستنكر كافة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يقترفها في فلسطين منذ بداية الاحتلال؛
ــ يدين تواطؤ العديد من الأنظمة الرجعية بالمنطقة مع الكيان الصهيوني في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، وصمت العديد من الدول الأخرى عما يرتكب من فظاعات في غزة والضفة الغربية؛
ــ يحيي الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة على صموده البطولي، طيلة ما يقرب من 20 شهرا، ويطالب باحترام حقه في الدفاع عن أرضه بما فيها المقاومة المسلحة، وبحقه في تقرير مصيره، وبناء دولته المستقلة على كامل أراضيه وعاصمتها القدس، وحق اللاجئين في العودة؛
ــ يطالب الدولة المغربية بالتراجع عن اتفاقية التطبيع، وقطع جميع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وتقوية الحركة العالمية الداعية إلى مقاطعة الكيان الصهيوني، وتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية القاضية باعتقال مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت، وتقديم باقي مجرمي حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني إلى المحاكمة، بمن فيهم ذوي الأصول المغربية، وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية بخصوص جدار الفصل العنصري لسنة 2004 ووقف الإبادة الجماعية لسنة 2024؛
ــ يندد بالعدوان الإمبريالي على اليمن، والعدوان الصهيوني المتكرر على سوريا ولبنان، وبالحرب في السودان وفي أوكرانيا، والتدخل الأجنبي في ليبيا، وخرق حقوق الإنسان في أفغانستان، خاصة حقوق النساء، والتضييق على الحريات في الجزائر والعودة القوية للاستبداد والحكم الفردي المطلق في تونس، والحصار المتواصل ضد كوبا وفنزويلا وغيرهما، والاختراق الصهيوني لأفريقيا، ويحيي كل نضالات الحركة التقدمية والحقوقية في الدول العربية والمغاربية وباقي دول العالم.

وأخيرا، فإن المؤتمر الرابع عشر للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إذ يحيي كافة مناضلات ومناضلي الجمعية على مجهوداتهم/ن لإنجاح المؤتمر، ويتوجه بالتحية لكل صديقات وأصدقاء الجمعية من إطارات جمعوية وتنظيمات نقابية وسياسية وشخصيات صديقة وفعاليات مناضلة، لمساهمتهم/ن في هذا النجاح، يدعو كل القوى الديمقراطية والحقوقية وكل القوى الحية بالبلاد وكل المناضلات والمناضلين ، نساء ورجالا، إلى المزيد من الوحدة والتعاون من أجل وضع حد للفساد والاستبداد والتطبيع ومن أجل إرساء الدولة الديمقراطية التي تحترم كافة حقوق الإنسان للجميع، ويجدد اعتزازه بالائتلاف المغربي لحقوق الإنسان والجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع والحركة الديمقراطية عموما، وينوه بأهمية الميثاق الوطني لحقوق الإنسان كأرضية مشتركة للعمل الحقوقي، ويهيب بجميع مناضلات ومناضلي الجمعية إلى المزيد من الصمود والنضال من أجل تحقيق أهداف الجمعية؛ بدءا بتفعيل شعار المؤتمر الوطني الرابع عشر للجمعية المغربية لحقوق الانسان “نضال وحدوي ضد الفساد والاستبداد والتطبيع ومن أجل مغرب الديمقراطية وكافة حقوق الإنسان للجميع”.

المؤتمر الوطني الرابع عشر
بوزنيقة، في 25 ماي2025.