آخر الأخبار

البيان الختامي للملتقى الوطني الرابع للحقوق الشغلية

إن الملتقى الوطني الرابع للحقوق الشغلية المنعقد بالرباط تحت شعار ” تأسيس جبهة عمالية واسعة، مهمة عاجلة للتصدي للتراجعات المتسارعة في مجال الحقوق الشغلية ” يومي السبت و الأحد 24 و 25 شتنبر 2022، في ظروف استثنائية تتميز باستمرار الآثار السلبية لأزمة كوفيد – 19 على الأوضاع الاجتماعية لعموم الجماهير الكادحة و على الحقوق الشغلية خصوصا، و تفاقم الأوضاع الكارثية للشغيلة المغربية بفعل استغلال الرأسمالية الجشعة لهذه الأزمة الجديدة من أجل رفع نسبة الأرباح في استهتار تام بالتدني الكبير للقدرة الشرائية للمواطنين وعلى حساب ظروف العمل و صحة و حياة العاملات و العمال. وبعد دراسته لأوراق الملتقى ( التقرير الأدبي – أرضية الملتقى- مذكرة المطالب ) ومصادقته عليها، فإنه يسجل و يؤكد ما يلي:

 

على المستوى الدولي:

 

كشفت جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا بين روسيا والحلف الأطلسي والسياسات الرأسمالية المتبعة، عن الوجه الحقيقي الشرس و البشع للنظام الرأسمالي الذي يتسبب يوما بعد يوم وبخطى سريعة في آلام بشرية هائلة وتهديد الإنسانية برمتها وتدمير مقومات الحياة الطبيعية للأرض: حروب إبادة، ومجاعات (نصف البشرية – بحسب التقارير الدولية – باتت تعيش اليوم تحت عتبة الفقر)، وإفلاس دول، واحتكار الثروة في يد حفنة من الشركات الكبرى، وهجرة قسرية لملايين من اللاجئين الذين يبحثون عن مأوى وشغل وتغذية وسلام و من بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والعجائز، وكوارث بيئية متنامية نتيجة إمعان الآلة الجهنمية الرأسمالية في ضرب التوازن البيئي واستنفاذ الموارد الطاقية والطبيعية واستغلالها أبشع استغلال.

كما كشفت الجائحة لدى الغرب الليبرالي الرأسمالي و بوضوح، عن المستوى المتفاقم للعنصرية و كراهية الأجانب و فضحت كل ما يروج له بخلاف ذلك و يتبناه في وثائقه الرسمية و غيرها منذ العام 1945. و في هذا الصدد استمرت الدول الرأسمالية الكبرى رغم الجائحة، في محاصرة و معاقبة و تجويع الشعوب و الدول التي اختلفت معها و رفضت الانصياع لسياستها الاستعمارية و الاستبدادية (إيران، فنزويلا، كوبا، كوريا الشمالية، لبنان، سوريا، اليمن..الخ) و واصلت دعمها للكيان الصهيوني في حربه الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني.

 

على المستوى الوطني

 

تحملت الطبقة العاملة و الجماهير الكادحة، وكما هو الحال في كل الأزمات السابقة، فاتورة التداعيات الاقتصادية لكورونا. حيث تم توقيف آلاف العاملات و العمال عن العمل في القطاع المهيكل و غير المهيكل، و عانت النساء أكثر من غيرها من التمييز والإجحاف وظروف العمل الصعبة وأشكال القهر في الشغل، وحرمت الآلاف من الأسر المغربية من دخلها المعتاد كليا أو جزئيا و تضاعف عدد الفقراء و توسعت دائرة الفوارق الاجتماعية و الترابية. وتركزت في المقابل الثروة في يد أقلية من الرأسماليين الجشعين الذين حققوا أرباحا خيالية خلال جائحة كورونا، كما هو حال رئيس الحكومة الحالي. مما يعني، الاغتناء الفاحش للباطرونا  مقابل إفقار فاحش لأغلبية الكادحين.

استغل أرباب العمل الجائحة لمزيد من انتهاك الحقوق الشغلية و التراجع عن المكتسبات. امتنعوا عن صرف أجور العاملات والعمال بشكل منتظم و توقفوا عن أداء الضرائب ومستحقات العمال من الضمان الاجتماعي، بإيعاز من الدولة المغربية وبمباركتها، مع العلم أن أزيد من مليون أجير غير مصرح بهم أصلا في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. استثنت الحكومة المعطلين والمهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء وذوي الاحتياجات من الدعم و الحماية، ومنعت الاحتجاجات الجماهيرية السلمية ولجأت لاستعمال القوة بطريقة عنيفة ومهينة (الاعتقالات التعسفية والعنف واستعمال أساليب ماسة بالكرامة الإنسانية…). جمدت الترقيات والتوظيفات في القطاع العام وفرضت شروطا جديدة للتوظيف (عدم تجاوز 30 سنة) ولجأت للاقتطاع من أجور الموظفين والزيادة في الضرائب، وحاولت في خضم الجائحة تمرير القانون التكبيلي للإضراب وتعديل مدونة الشغل بما يوافق امتيازات ومصالح المشغلين وأصحاب الرأسمال..

إن الملتقى الوطني الرابع،

وبعد استماعه لشهادات العاملات والعمال الحية والتي عبرت بالملموس عن حقيقة الوضع المتردي الذي آلت إليه الحقوق الشغلية في المغرب ومستوى القهر الاجتماعي والغبن والإحساس بالحكرة التي يعاني منها الأجراء والأجيرات كل يوم، ولم تعد تنفع معه كل محاولات الطمس والتزييف والخداع والترويض، المنتهجة من طرف الدولة المغربية وحكومتها البرجوازية الاستبدادية.

وبعد وقوفه على وضعيتهم الكارثية ومعاناتهم، فإنه:

 

يسنكر جميع مظاهر خرق الحقوق الشغلية (بمعنى الحق في الشغل و حقوق الشغيلة عموما) التي تضاعفت وتيرتها في العشرية الأخيرة، من خلال: حرمان المعطلين القادرين على العمل من الحق في الشغل القار، ومحاربة العمل النقابي، وضعف الأجور، وعدم توفير التغطية الاجتماعية، وتسريح الآلاف من العاملات والعمال دون وجه حق، ومحاكمتهم بسبب نشاطاتهم النضالية وممارسة حقهم المشروع في الاحتجاج والإضراب، وانتهاك مختلف مواد قانون الشغل التي تصب نسبيا في مصلحة الأجير رغم قلتها، والتمييز بين أجيرات وأجراء القطاعين الصناعي والفلاحي، وإغلاق المعامل دون سلك المساطر القانونية لتخويف العمال من الاحتجاج و الإضراب والانتقام منهم..

يعبر عن قلقه من تفاقم البطالة والبطالة المقنعة وخصوصا لدى فئة الشباب، ويعلن عن تضامنه المطلق مع كل فئات المعطلين في نضالهم المشروع من أجل الحق في الشغل و التنظيم والاحتجاج. ويدعو إلى اعتبار قضاياهم جزء لا يتجزأ من قضايا ومطالب الشغيلة والنقابات المناضلة.

يدين بشدة الانتهاكات الجسيمة، الماسة بالسلامة البدنية للعاملات والعمال في حوادث الشغل المهنية سواء التي تصيب الأجراء في أماكن عملهم أو المرتبطة بنقل الأجراء من وإلى مقرات العمل في سيارات غير مخصصة لنقل البشر و لا تستوفي شروط السلامة، وتخلف سنويا آلاف الضحايا من المعطوبين و القتلى.

يعلن عن مساندته لنضالات الشغيلة المغربية في كل القطاعات، للدفاع عن استقرارها في العمل، والحفاظ على مكاسبها المستهدفة، ولتحسين أوضاعها المادية والمهنية والمعنوية، و من بينها:

 

نضالات الفلاحين الفقراء والعمال الزراعيين بالاستغلاليات الفلاحية ونضالات عموم الطبقة العاملة بالأحياء الصناعية والمنجمية وبأوراش البناء والأشغال العمومية والخدمات وبالمناطق الحرة.. لإرغام المشغلين على تطبيق مدونة الشغل على علاتها واحترام الحق النقابي وحق الإضراب.

 

يؤكد دعمه للنضالات المتواصلة للأجيرات والأجراء الذين يخوضون صراعا مريرا مع الباطرونا والدولة المخزنية على السواء: عاملات سيكوميك بمكناس، والعاملات الزراعيات بمنطقة سوس وغيرها من الجهات، وعاملات وعمال الإنعاش الوطني، وعمال البحر، وعمال المناجم وعاملات وعمال النسيج (ضحايا مجموعة السنوسي و المنطقة الصناعية بطنجة و باقي مناطق المغرب)، وعمال مطاحن الساحل، وعاملات وعمال الفنادق، وعمال الطرق السيارة، وعاملات وعمال الجماعات المحلية، والمساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين، وعمال قطاع الماء الصالح للشرب، والأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد..الخ.

يدين تحيز القضاء في النزاعات الاجتماعية لفائدة الباطررونا وإصدار أحكام جائرة وقاسية ضد العمال النقابيين، ويستنكر بشدة عدم تنفيذ آلاف الأحكام القضائية الصادرة لفائدة المأجورين والمتراكمة منذ عدة سنوات (مطاحن الساحل بالرباط، عمال الفنادق بورزازات، العمال الزراعيون، عاملات و عمال النسيج..).

يستنكر بشدة ارتهان السياسات العمومية للدولة للدوائر الرأسمالية ومؤسساتها المالية وتغليب التوازنات الماكرو اقتصادية لخدمة الدين الخارجي على حساب الخدمات الاجتماعية.

يدين الاستغلال المزدوج والفاحش للطبقة العاملة من طرف الشركات الأجنبية من جهة والمتعاقدين معها من باطرونا محلية من جهة أخرى، لتصنيع سلع ذات مواصفات عالمية من طرف عاملات وعمال مغاربة في مصانع سرية وبأجور جد زهيدة، وإعادة تصديرها لكي تباع بأثمنة باهظة.

ينبه إلى مخاطر قانون تفويت أراضي الجموع الصادر سنة 2018 (15 مليون هكتار) والذي سيؤدي إلى تشريد الملايين من الفلاحين الفقراء وتدفق هجرة قروية مفتعلة هائلة تتكدس من جديد في أحزمة الفقر حول المدن الكبرى لتغذية الجيش الاحتياطي للعمل الذي يوسع رقعة اليد العاملة الرخيصة والوضع الاجتماعي البئيس للطبقة العاملة.

يسجل غياب تفاوض اجتماعي جاد ومسؤول بين الحكومة وممثلي الباطرونا والمركزيات النقابية، رغم الظروف الصعبة التي تعاني منها الطبقة العاملة جراء تدهور قدرتها الشرائية والارتفاع الملتهب لأسعار المواد والخدمات الأساسية. فما أسفرت عنه الاتفاقات الأخيرة لم يستجب و لو بحد أدنى للمطالب الأساسية التي علقت الشغيلة آمالا كبيرة عليها ورفعتها المركزيات النقابية، من قبيل الزيادة الملموسة في الأجور والمعاشات التي تراعي مستوى التضخم المتراكم منذ سنوات والغلاء الفاحش، والحق في التقاعد الذي يعرف انتهاكات خطيرة، واحترام الحريات النقابية مع إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، والمصادقة على الاتفاقيات الدولية للشغل، وتقوية جهاز التفتيش، وتنفيذ ما تبقى من اتفاقات السابقة، وتحسين شروط العمل، وتوحيد الحد الأدنى للأجور في الفلاحة و الصناعة.. أما بخصوص المفاوضات القطاعية والمحلية فهي شبه منعدمة.

يدعو التنظيمات النقابية والحقوقية لإعطاء الأهمية التنظيمية والنضالية للشغيلة التي تعمل بنظام الوساطة والمناولة ولأوسع فئات القطاع غير الهيكل.

يساند كل المبادرات الوحدوية بين المركزيات النقابية، ويعبر عن أمله في إحياء التنسيق النقابي وتسطير برنامج نضالي وحدوي كفيل بصيانة المكاسب التاريخية للطبقة العاملة وفرض حوار اجتماعي فعلي والتصدي للتراجعات المتسارعة في مجال القدرة الشرائية والشغل والتشغيل و لفرض المطالب العمالية العالقة منذ عدة سنين.

يدين بشدة سياسة تطبيع العلاقات بين النظام المغربي والكيان الصهيوني الذي يرتكب أبشع الجرائم في حق الشعب الفلسطيني وكافة شعوب المنطقة والتي تصنف ضمن جرائم الحرب والإبادة ضد الإنسانية.  ويعبر عن دعمه المطلق لنضالات الشعب الفلسطيني من أجل التحرر التام وإقامة دولة فلسطين على كافة أراضيه وعاصمتها القدس.

يندد بالاعتداءات المشينة التي تطال المهاجرين من جنوب الصحراء، ويطالب بإطلاق سراح المعتقلين على إثر الأحداث الأليمة ليوم 24 يونيو 2022 على المعبر الحدودي باريو تشينو بين الناظور ومليلية المحتلة والتي ذهب ضحيتها عشرات الأفارقة، والكشف عن مصير المفقودين وفتح تحقيق نزيه ومستقل لتحديد المسؤوليات ومعاقبة المتورطين من الجانبين المغربي والإسباني.

يدين بشدة تصعيد الدولة هجماتها العدوانية على الحركة النقابية والحقوقية والديمقراطية، وقمع الاحتجاجات الاجتماعية واستهداف المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان وخنق حرية التعبير والصحافة، ويطالب بالإفراج عن كافة معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين وعلى رأسهم معتقلي حراك الريف والصحفيين والمدونين..