يونس الخراشي
رأي خاص..
فجأة، وبدون سابق إنذار، أصبح الإعلام الرياضي مهما، وينبغي الاهتمام به، ويستحسن أن يصبح في عهدة متعهدين آخرين، غير الذين أنشأوه، وتعهدوه، وتعذبوا من أجله، وعذبهم؛ فهؤلاء لا يستحقون القيادة، بينما المتعهدون الجدد لديهم كل الإمكانيات للنجاح. يا سلام.
وبأمر دبر بليل، صار الصحافي الرياضي، أو الصحافي المختص في الرياضة، ولاسيما الذي قضى حياته في الجري بين الملاعب، وملاعب التداريب، متروكا في مكان آخر، بينما يتسابق المتعهدون الجدد ليجروا حوارا مع الناخب الوطني، ويغطوا التظاهرات الدولية، بل أكثر من ذلك، يملكون مفاتيح الملاعب أيضا.
ولأن هنالك مقولة لا تصدأ، مفادها أن فاقد الشيء لا يعطيه، ولا يمكنه أبدا أن يعطيه، فقد نزل سقف الإعلام الرياضي، بسرعة مهولة، نحو الأرض، ثم حفرها إلى الحضيض، ثم صار الحضيض سماء له، بحيث أصبح “سؤال” في ندوة صحفية يشكل الحدث، بدل أن يكون الحدث هو المباراة أو الأجوبة التي تصدر عن المدرب أو اللاعب، أو المسؤول.
المصيبة أن بعض من يدبرون شؤون الرياضة والمال يواصلون قيادة الشأن الإعلامي الرياضي إلى المجهول، دون أن يدركوا، بأنهم لن ينجحوا أبدا في رفع مستواه. كيف ترفع المستوى بمن لا يملك أن يفعل؟ هل سبق لمهندس شاطر، متخصص في مجاله لا غير، أن أنجز عملية جراحية على القلب؟؟ لا، لم يحدث.
ما حدث من بعض الزملاء في أميركا، وبعضهم هنا، من سوء أدب مع الإعلام الرياضي، وبالتالي مع الإعلام المغربي، ومع المهنة، ومع تاريخ هذا الرأس مال اللامادي العظيم للمملكة، أشعرني، شخصيا، بالهوان. والكارثة أن تداعياته ما تزال تتواتر وتتفاحش، والنقاش حوله ما يزال يتكور مثل كرة ثلج، بينما كان الأجدر مناقشة مسيرة الوداد الرياضي، ومحيطه، وهو ما فعلته قناة “دازون” التي خلقت الحدث، بل وسرقت الأضواء من الأندية نفسها. أي أن الإعلام، المتمثل في “دازون”، كان البطل في أميركا، بينما كنا نحن، كإعلام رياضي مغربي، شأنا يستحق الرثاء.
لم أسمع عن رغبة جامحة من الإعلام المغربي في حضور العديد من اللقاءات والندوات التي تعنى بمجالات أخرى مثلما وقع مع الرياضة، أو لنقل الكرة، أما الرياضة فذلك شأن آخر. ولم أر تسابقا على السفر نحو هيئة الأمم المتحدة في أميركا أو في سويسرا، أو نحو أديس أبيبا حيث مقر الاتحاد الإفريقي، أو نحو القاهرة حيث مقر الجامعة العربية، أو نحو دافوس، حيث يجتمع أهل المال والاقتصاد، أو نحو معارض لا تتوقف للقراءة والكتاب، أو نحو كينيا أو أوغندا أو عموم إفريقيا، حيث يشكل الحضور المغربي، بفضل الرؤية السامية لجلالة الملك، مجالا واسعا يستحق أن يضيئه الإعلام المغربي، وأماكن ومواقع أخرى، سها عنها من يفترض فيهم ألا يفعلوا، فقط لأن الكرة ألهتهم.
ومع ذلك. دعوني أطرح السؤال التالي: هل تعتقدون بأن الإعلام المغربي، بجميع من يمثلونه، من تلفزيون، ومكتوب، ومسموع، ورقمي، يستطيع أن يخلق الحدث في كأس إفريقيا 2025؟؟؟ شخصيا أرجو ذلك من قلب قلبي. ولكني أشك. ليس لنقص في الكفاءات، أو لغياب الطموح والحماس. ولكن لغياب الرؤية، والتخطيط، والاستراتيجية، في مقابل حضور التنازع والتشتت والتشرذم.
هذا ليس رثاء لحالنا. بل هو محاولة لإيقاظ الضمائر، عساها تنتبه إلى ما نحن فيه، وبصدده. فهنالك مواعيد كبرى تأتي إليها، ونحن لسنا على أهبة. بل نحن في صراع مع البعض، والمصيبة أن بعضنا ليس له علاقة بالإعلام الرياضي، ولكنه، فجأة، صار يعتبر نفسه، من وحي نفسه، هو الوصي عليه. وليسته يفلح، ويكون عند أفق الانتظار.
أحببت الإعلام الرياضي مع “الأحد الرياضي” و”العالم الرياضي”، ومباريات المنتخب الوطني، وسباقات نوال وعويطة، والبقية من أبطالنا، ورياضيينا في التنس والسلة والكرة الطائرة والمصارعة، وووو، بتعليق زملائنا في الإذاعة والتلفزيون. وحين جئت إليه صحافيا، صرت أفتخر بالمدرسة المغربية التي لا تضاهى. أما اليوم، فأسأل نفسي، أي إرث سنترك لمن سيأتون بعدنا وكلهم شوق ليمارسوا الصحافة الرياضية؟؟؟؟؟ من يتابعون اليوم ما حدث من تراشق في أميركا، وهنا.
لا أقول إلا لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
واللهم إني بلغت، اللهم فاشهد.