آخر الأخبار

اذوات التحليل الاقتصادي

تصبح بعض ادوات التحليل الاقتصادي متجاوزة تماما وتؤكد التحولات ذات الطابع الهيكلي او الظرفي انها مستنفدة obsolete لكن البعض يضمن لها حياة بالقصر بحكم تحكم العادة او الدفاع المستميت عن قناعة اييديولوجية ونظام مجتمعي يراه الاكثر ملاءمة له وللفئة التي يتحدث باسمها.
اليوم تتاكد اطروحة ماركس عن الميل الاتجاهي لانخفاض معدل الربح رغم كل الفقاعات الطارئة، لكن وايضا اطروحة الحدي شومبتر المعادي للاشتراكية التي ترى ان الراسمالية تمتلك القدرة على التجدد والاستمرار عبر الهدم الخلاق la destruction créative ، غير ان هذه الاخيرة تواجه اليوم تحديا يثبث اطروحة شمبيتر ايضا التي تنطوي على تشاؤم بقدرة الراسمالية على رفع االتحدي، اذ يتجه الذكاء الصناعي والى نهاية الانسان ليس كفاعل مقاولاتي مبلور لحلول بل كفاعل عامل والى نهاية الشغل وعلاقاته والى تركيز الاستثمار فيماهو تكنولوجي راسمالي، مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر في ظل هدم دولة الرعاية،وتركيز الثروة وغلبة الداروينية اجتماعيا.
وتواجه الراسمالية على المدى البعيد تحدي اعادة توزيع الثروة عالميا وعدم تركزها في الغرب كما كان عليه الامر وقت شميتر، مع صعود الصين والهند وغيرهما، لكن وايضا شيخوخة الساكنة في الغرب مع مايترتب عليه من تقلص السوق في مقابل وجود عمق في اسواق اسيوية كبيرة.
امكانيات النمو في الغرب تتقلص وتتحقق نبوءة الفريد سوفي ونادي روما حول صفر نمو.
بارديغمات جديدة تنشا وتجعل التحليل المحصور في l’économie standard الذي فرض مند سبعينات القرن الماضي قاصرا. ما يجري الان وما هو متوقع غدا، وللتوقع محدوديته، يتطلب عقليات جديدة بامكانيات تحليل جديدة كي لايتم الانحراف عن الطريق الواجب سلكه لمواجهة مشاكل عويصة لم تفد ادوات التحليل القديمة والمتكررة في طرح حلول لها، وفي مقدمتها الضعف التاريخي للنمو وبقائه مرتبطا باحوال الطقس وعدم انتاج مستوى عال من الاستثمار العمومي (اكثر من 30 في المائة من الناتج الداخلي الخام) لمفعول قوي على النمو كما حدث في اليابان والصين والهند وغيرها، وعدم انتاج مختلف السياسات العمومية للاثار المتوخاة منها، خصوصا على مستوى التشغيل ومحاربة الفقر والرعاية الاجتماعية.
نعيش ازمة مؤسسات. والمؤسسات لاتكون فاعلة بوجودها وانما بفعل الفاعلين الذين يمكن ان يجعلوها ذات اثر ايجابي وتنموي ويمكن ان يحيلوها الى كائنات مفرغة وفاعلا سلبيا يشد الى الوراء.

محمد نجيب كومينة / الرباط