من أجل تعزيز مناعة الدولة في مواجهة الفساد، وقع كل من عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، ومحمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، اليوم الثلاثاء بالرباط، اتفاقية شراكة وتعاون تهدف إلى تنسيق الجهود وتوحيد المقاربات في مجال مكافحة الفساد بالمغرب.
وتأتي هذه الاتفاقية في سياق خاص، يتزامن مع استمرار احتجاجات الشباب المنتمين لما يُعرف بـ“جيل Z” في مدن المملكة لليوم العاشر على التوالي، رافعين شعارات تطالب بالشفافية ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات العمومية في الصحة والتعليم والتشغيل.
وأوضح بلاغ مشترك أن الاتفاقية الجديدة “لا تُعد مجرد آلية تقنية للتعاون بين مؤسستين وطنيتين، بل تمثل إعلانًا صريحًا لإرادة الدولة في تحصين جبهتها الداخلية ضد مخاطر الفساد، من خلال إرساء إطار مستدام للتنسيق والتكامل بين جهاز أمني سيادي وهيئة دستورية مستقلة، بما يضمن مقاربة شمولية تجمع بين الوقاية والزجر وتعزز مناعة الدولة والمجتمع معًا”.
ويعود التحضير لهذه الاتفاقية إلى الرابع من يوليوز الماضي، حيث جرى إعدادها على أساس قناعة مؤسساتية مفادها أن فعالية الهيئة الوطنية في تلقي الشكايات والتبليغات وإجراء الأبحاث المرتبطة بجرائم الفساد، تظل رهينة بتعاون وثيق مع الأجهزة الأمنية المختصة، بما يضمن النجاعة والمهنية ويحافظ على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
وتجسد هذه المبادرة، بحسب البلاغ، “وعيا متزايدًا بالدور المحوري الذي تضطلع به الأجهزة الأمنية الحديثة في تعزيز الحكامة الجيدة، في انسجام مع أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال”. كما تهدف الاتفاقية إلى توطيد التعاون وتبادل المعلومات والبيانات ذات الصلة بملفات الفساد، وتطوير القدرات المؤسسية عبر برامج تكوين أساسي ومستمر، إلى جانب إعداد دلائل مرجعية مشتركة للرصد والتحري وتنظيم حملات تحسيسية لترسيخ ثقافة النزاهة في الأوساط المهنية.
وتتيح الاتفاقية للهيئة الوطنية للنزاهة الاستفادة من الإمكانات التقنية التي تتيحها البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية الجديدة، وفق ضوابط قانونية دقيقة، مع ضمان أعلى مستويات حماية المعطيات الشخصية.
وأكد البلاغ أن هذه الشراكة “تتجاوز البعد التقني والإداري لتشكل إعلانًا استراتيجيًا متجددًا على أن محاربة الفساد مسار مؤسساتي متكامل، يرسخ دولة القانون ويعزز ثقة المواطن في مؤسساته، ويضع المغرب في موقع متقدم ضمن الدول الساعية لتكريس النزاهة والشفافية”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن التصدي للفساد لم يعد مجرد مطلب اجتماعي أو انشغال مؤسساتي، بل غدا أولوية وطنية واستراتيجية محكومة بمرجعيات دستورية واضحة والتزامات دولية صريحة، تجعل من مكافحة الفساد واجبًا وطنيًا ومقتضى سياسيًا وقانونيًا لا يقبل التراجع أو التردد، في انسجام تام مع التوجيهات الملكية السامية وأحكام الدستور واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.