آخر الأخبار

إنتظارات و وعي كبير و يأس أكبر، و خوف على البلاد من أعداءها

إدريس الأندلسي

تحرك شباب بلادي و حملوا رسائل تهم العدل الإجتماعي، و تحمل أيضا رغبة في محاربة حقيقية للفساد. تحركوا بوسائلهم في ما يسمى ” بالعالم الأزرق ” ، و بعثوا برسائل لا زالت تنتظر أجوبة حقيقية ، و ذات ثقل إصلاحي عميق ، من طرف من يتحملون مسؤولية التدبير و التشريع و من يحتلون الأحزاب السياسية . اضم صوتي و حيرتي إلى ذلك الصوت الآتي من المستقبل للحفاظ على البلاد. أعرف قبل أن يولد شباب ” زيد 212″ أن قوى الظلم و الظلام و الفساد تسيطر على مؤسسات بلادي الغالية. لم يصبح من الصعب التدليل على قوة إفساد الحياة العمومية، و على تدبير الشأن المحلي و الوطني ببلادنا من طرف من لا علاقة لهم ” بقول مأثور يقر” بأن محبة الأوطان من الإيمان “.
لا أنكر على أحد حبه، بالشكل الخاص به، للوطن. و لكني أغضب بسخاء وطني و عاطفي، حين تصبح السياسة ممارسة للاغتناء. و أتمنى أن يتدخل القضاء ، باستقلالية دائمة ، و أن تتوحد كل السلطات لحماية المملكة المغربية من تسلط البعض على المال العام، و أن لا نضيع الوقت في و حتى لا أكون كثير من ممتهني السياسة، أود أن أؤكد على عدم ثقتي، في هذا الواقع ، و في تتالي النكسات بما يسمى بالمحاسبة السياسية. مللنا من تقليص مفهوم هذه المحاسبة في الفور بالكرسي او خسارته . وجب التذكير بالمبدأ الدستوري الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة، و هذه الأخيرة تعني الوقوف أمام القضاء في المقام الأول
. تتبعت النقل المباشر للخطاب الملكي، و تتبعت التعليق عليه من طرف من نصبوا أنفسهم خبراء، لاستنباط رسائل لا توجد في الخطاب رغم وضوح مضامينه. خاب ظني فيهم. أجمعوا على أن الأمر يتعلق بضرورة تفعيل ثقل المسؤولية السياسية الموكلة للحكومة و البرلمان. كنت أتمنى، كغيري من المواطنين ، أن يفهم المسؤولون أن الوقت قد حان لإخضاع أنفسهم للمحاسبة أولا، و قبل أن يبدؤا حملتهم الانتخابية للرجوع، دون محاسبة شعبية لانتفاخ ثرواتهم، على حساب الشعب. خرج أحد البرلمانيين، مباشرة بعد الخطاب الملكي، ليرقص أمام البرلمان، مرددا ” موت أيها العدو…الملك عندو شعبو” . الأمر يتعلق بأحد البرلمانيين الذين وقفوا أمام العدالة قبل شهرين ،و بكى لأنه لا يفهم ما ورد في الوثائق التي وقع عليها ، و استغل نشاطا ملكيا لرفع صوته، مع ” مناصريه ” الذين احاطوا به ، لتصفية حساباته مع خصومه، و الذي صنفهم ضمن أعداء الوطن و الملك. وسأله أحد الصحافيين هل سيترك مكانه للشباب، فكان جوابه يوحي بأن يقوم بتوريث المنصب لأحد أبناءه، و علل الأمر بكونه يحظى بشعبية في منطقته. و سأل أحد أصحاب المواقع ،ذو الحضور الشعبي، أحد أصدقاءه البرلمانيين بعد عانقه و قبله، عن رأيه في الخطاب الملكي، فما كان من هذا الأخير إلا دفع الميكرفون. علق أحدهم أنه كان نائما، و الأجدر بالقول أنه لم يتمكن من فهم ما قيل تحت قبة البرلمان. و كم هم كثر اؤلئك الذين يمتلكون مفاتيح استدامة الحضور في البرلمان. و أهمها إستغلال النفوذ و المال و نيل الرضا ممن يرسمون الخريطة.
قال الملك أن البلاد تحتاج إلى استثمار عمومي منتج للثروات. و قال أيضا أن التفاوتات المجالية تغفل المناطق الجبلية و الواحات التي تشكل 30% من مساحة المغرب. وصلت رسائل جيل زيد 212 ، و التي ستتواصل أشكال ايصالها لرئيس الدولة أولا و أخيرا بطرق مواطناتية ، و في إحترام تام للدستور. و سيظل من يخيفون المواطنين بقدرتهم الهائلة على مراكمة الثروات، و عدم الاكثرات بتضارب المصالح، و تغييب المحاسبة، و اضعاف السلطة القضائية عبر تغييب الجمعيات و ربط تحرك النيابة العامة بتقارير ثقيلة إيقاع الإصدار، و خالية من تفاصيل الأفعال التي يحاسب عليها القانون. و ينتظر الشباب رسالة قوية تحميهم ممن يسيطرون على الشأن العام، و اؤلئك الذين يضعفون املهم في إصلاح المؤسسات، و تقويم السياسات.
لن يستقيم أمر حكامة الشأن العام ببلادنا دون محاسبة من يستغل سوق اللحوم، و سوق الطاقة البترولية، و كذلك سوق الصفقات العمومية. ثم يستمر في غيه للسيطرة على العملية الانتخابية بكثير من الوسائل التي تحبط رغبة المواطنين، شبابا كانوا أم كهولا و شيبا، في المشاركة في حماية بلادهم من مفسدين من الداخل، و من أعداء من الخارج. يحز في نفس المواطن المغربي الحريص على استقرار بلاده، استمرار المفسدين، و ذوي الثروات، غير المبررة، في الجلوس على مقاعد القرار. يحب المغاربة ملكهم و تاريخ دولتهم، و يريدون أن يتم تفعيل دستور بلادهم لمحاسبة من يستغلون ثروات الوطن لأغراضهم الخاصة. لقد أصبح أمر الإصلاح مستعجلا أكثر من أي وقت مضى. و لا زال الشباب ينتظر الفعل الذي يصنع التغيير. ينتظر الإشارات التي تضمن المشاركة السياسية المؤدية إلى الشفافية و حماية ثروات البلاد، و صيانة التعامل مع المال العام. و لا يريد ذو عقل رصين مظاهرات غير سلمية، كما لا يريد خلط حاملي خطاب الإصلاح السلمي بالمجرمين. الذين يصعب تحديد مصدر تنظيمهم ، كعصابات تسيء لشباب يرفعون شعار السلمية. لقد تطورت سلوكات منحرفة لدى بعض الأحزاب قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. تراكم الثروات يذهب العقول، و يضعف التعامل مع الأزمات الإجتماعية من طرف الفاعليين ” الحزبيين”. و أتمنى أن يعم السلم بلادي، و أن يتخلى مفسدو الشأن عن ادوارهم التي تهدد الوطن. تواترت لغة الخشب لدى الكثير من ” السياساويين” أن المحاسبة تتم عن طريق المشاركة في الانتخابات. و لم يشيروا إلى المحاسبة القضائية و الإدارية عن الأخطاء التدبيرية و عن الاغتناء غير المشروع. تتمنى الأحزاب أن تكون مشاركة الشباب ضعيفة لكي يحصلوا على المقاعد في المؤسسات بقليل من الأصوات. و سيختفي أغلبهم خلال الأزمات الإجتماعية. ذكرني أحد الأصدقاء أن جيل ” زيد” له من يدعمه، أو حتى من ينافسه من جيل ” ما بعد الستين” الذي يمتلك التجارب، و في كثير من الأحيان أساليب النقد العميق بالإضافة إلى سهولة الانخراط في حركات مطلبية . و الأخطر في الموضوع أن يتحالف جيل ” زيد” مع آبائهم من جيل ” ما بعد الستين الذي يعاني من نفس ما عبر عنه الأحفاد في مجال الصحة و تفاقم الفساد. حل الأزمات بالارادة و بالمحاسبة و بتغيير المنهج الإصلاحي، خير من تركها تتفاقم و تلبس شكل كرات الثلج المتدحرجة…