آخر الأخبار

“إبـادة الــكــتــب

إدريس بوطور 

في تدوينة للأستاذ سعيد البهالي حول” إبادة الكتب ” من سلسلة “عالم المعرفة ” . وأنا أطلع على هذا النشر رجعت بي الذاكرة إلى نهاية ستينيات القرن العشرين في ريعان شبابي حيث شاهدت أنذاك فيلما بعنوان “فهرنهايت 451” بسينما مرحبا “أتلانتيد ” حاليا بمدينة أسفي المغربية . سيناريو الفيلم وأحداثه مستخلصة من رواية تحمل نفس الإسم “فهرنهايت 451” للروائي الأمريكي “راي برادبيري ” (1920/2012) والتي ألفها سنة 1953 ** في هذه الرواية قدم مؤلفها أنذاك صورة مرعبة للمستقبل ، متوقعا عودة دخول أمريكا والعالم في غمار ارهاب سياسي سالف للفكر والثقافة ، وما عرفه من اتهامات ومطاردات طالت العديد من الادباء والكتاب في الولايات المتحدة الأمريكية. تعرض رواية “فهرنهايت 451 ” ومعها الفيلم لقيام الدولة بحرق الكتب ومهاجمة الخزانات المنزلية لإخراج المؤلفات وحرقها ، وإن رفض مالكوها إخراجها فإنها تحرق داخل المنازل** بطل الرواية والفيلم رجل اطفاء أصبح يشعل الحرائق بدل اطفائها ، ورش البنزين بدل الماء . أمام هذا الوضع ولمحاربة إبادة الكتب تكونت لجان شعبية من المثقفين للحفاظ على الكتب ليس بوضعها في أماكن محصنة بل بحفظها في الأدمغة كما يحفظ القرآن لدى المسلمين .هذا يحفظ أشعار الشاعر الفلاني وذاك كتاب الفيلسوف الفلاني وآخر يحفظ الرواية الفلانية ، وذلك تحت شعار “احرقوا الأوراق ما دامت الكتب قد سكنت الأدمغة ” ** الاطفائي بطل الرواية والفيلم بعد تأثره بمتعة الفكر والثقافة سينضم إلى إحدى لجان حفظ الكتب والمحافظة عليها في الأدمغة، وسيثور ضد رؤسائه ويعلن العصيان ليعيد للحياة وجهها الإنساني الأصيل والمتجلي في ازدهار الثقافة والفنون والآداب والعلوم .