آخر الأخبار

أيها الزعماء النقابيون، عودوا إلى نبل من سبقوكم

واجب الوالي ، و واجب النقابة و الواجب نحو المواطن
أيها الزعماء النقابيون، عودوا إلى نبل من سبقوكم

إدريس الأندلسي

أكن كثيرا من التقدير لكل النقابات التي لا زالت وفية لأرواح مؤسسي الدفاع عن حقوق العمال، و لثقافتهم في مجال أداء الواجب المهني بأخلاق عالية و مسؤولة. لا أظن أن النقابيين الكبار في تاريخ بلادنا كانوا ممن يتهاونون في الدفاع عن حق المواطن أولا، و عن المقاول الوطني المحترم للقانون ثانيا، و عن الساهرين على بناء اقتصاد وطني قوي بالاستثمار، و بالعمل و بكثير من المسؤولية في مواجهة اقتصاد الريع، و نقابات الريع، و أحزاب الريع، و زعماء الريع، و مقاولي الريع . نتفنن في تحقير الآخر الذي يؤدي واجبه بكل بساطة ، و نعته بأقدح النعوت، و لا نلتفت إلى مساوئ ممارسة السياسة ، و ممارسات بعض النقابيين الذين اختاروا الدفاع عن حقوق العمال و الاجراء، و جزء منهم ، يعيش على ريع نقابي أصبح الكثير من المواطنين يعرفون أساليب الحصول عليه. تمكن بعض الموظفين من الحصول على رواتب و علاوات و هدايا بعيدا عن أداء واجب مهني. و هذا شيء معلوم و معروف لدى الجميع. و استطاعت هذه الاقلية من اضعاف الجسم النقابي المغربي حتى أوصلت مستوى تمثيلية النقابات للشغيلة إلى أقل من 4%. و إنتقلت الوساطة الإجتماعية إلى تنسيقيات فئوية ذات تواجد مؤقت، و إلى أشكال جديدة من الفعل المجتمعي عبر آليات تكنولوجية يتملكها شباب تجاوزوا الأشكال التقليدية للنضال، و للتحاور مع الدولة.

احزنني بلاغ لنقابة احترمها، و هي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، و لفرعها المتعلق بالصحة، في مواجهة والي الدار البيضاء. قال الوالي، الذي يعطيه القانون، صلاحية كبيرة لتتبع و تنسيق أعمال كل المصالح الخارجية لكل الوزارات في كافة المجالات، أن جميع الأطباء و كل مهنيي الصحة ، يجب أن تتم مراقبة حضورهم بالمستشفى العمومي التابعين له . انزعج من كتب البلاغ من إصرار الوالي على مراقبة واجب مهني في المجال الصحي العمومي يوجد في عمق تدبير الأمر الترابي في كافة القطاعات. يعتبر الطبيب موظفا عموميا يتلقى أجرا، و له واجب إتجاه بني جلدته، و عليه يقع عبئ كبير لا يمكن أن يتملص من أداء.
يوجد المشكل، أيها المناضلون النقابيون، في سياسات شجعت هروب، كثير من الأطباء، من القطاع العام خفية إلى عالم الظلام. النقابة ليست مستنقعا، و لا سدا يحمي البعض من نتائج الأمراض التي تزيد من ضعف المستشفى العمومي. لن أحترم أية نقابة تدافع عن الهاربين من المستشفى العمومي إلى مستشفى خصوصي ، من أجل تحصيل أموال خارج القانون و الأخلاق المهنية و الإنسانية . و لن افهم ابدا كيف تتحول حماية مواطن مريض إلى محاولة لتبرير غياب عن أداء واجب. ” باراكا ” أيها المناضلون المؤسساتيون من تفضيل حضور نقابة ” تمثيليا ” على حسابة مواطن. أؤكد أن أي ممرض أو طبيب يهرب من المستشفى العمومي يقترف فعلا يجب أن يكون تكييفه من طرف القضاء. و أؤكد أن من تسللوا إلى تدبير الشأن العام عبر الرشوة، و عبر السيطرة على صنع القوانين التي ارجعت المرفق العام للصحة إلى مرحلة السوق الخاضع لذلك القانون ” الهمجي” الذي يسمى ” العرض و الطلب”.
يا من تبقى من جيل النقابيين الأخيار و ليس التجار، كونوا في جنب من يدافع عن حق المواطن في الولوج إلى العلاجات. أنتم أدرى بعاهات تدبير المستشفيات العمومية، و تعلمون أدق التفاصيل عن ” الحراقة” الذين يتركون حامل بطاقة ” امو تضامن” ،لكي يقدمون خدماتهم ليلا و نهارا لصاحب القدرات على الأداء بالشيك أو نقدا لا تتبعه ” رادارات إدارة الضرائب و إدارات وزارة الصحة.
أندد بالفعل النقابي الذي يخون نبل رسالة النضال التي حملها قادة نقابيون دخلوا السجون من أجل أداء رسالة وطنية تشمل الاستقلال و حماية الشغيلة من طاغوت المستفيدين من الريع. و لا أريد أن يتم اتهام أي مناضل نقابي بالدفاع عن مهربي الفعل الطبي الموجه إلى ذوي الدخل المحدود ، و تحويله ليصبح ضد الحق في الولوج إلى العلاجات. باراكا من هذه البلاغات التي تروج لسوق العلاجات حسب الطلب ، و حسب القدرة على الأداء. كل طبيب، و كل مهنيي الصحة الذين يتواجدون في مصحات خاصة، في الوقت الذي يستوجب وجودهم في مقرات عملهم بالمستشفى العمومي، يعتبر فعلا يستوجب مسائلة قانونية أمام القضاء. أكفر بحضور نقابة تدافع عن الغياب و تبرير الأخطاء المهنية و الأخلاقية. و ألف سلام على روح النقابيين الأحرار الذين يكفرون بكل فعل يهمل أداء الواجب إتجاه المواطن المريض.
ألف لعنة على كل النقابات التي تدافع على المفسدين، و التي تبرر غيابهم عن المستشفى العمومي ، و التي تدافع عن الهاربين إلى القطاع الخاص ، و على المستفيدين من التهرب الضريبي. و ألف عبارة إهانة لكل نقابة تحول طبيبا إلى مندوب نقابي لم يمارس ابدا عملا في خدمة المرضى المحتاجين إلى العلاجات. و من منا لا يعرف أن البعض يفضل التفرغ النقابي على خدمة المرضى الموجودين حالة هشاشة. لا يمكن أن لا أتفق مع الطبيب و كل مهنيي الصحة الذين يخدمون في المستشفى العمومي الذين يعانون أمام ضعف الإمكانيات التي لا تمكنهم من تقديم خدمات تليق بمواطن مغربي في بلاد تؤكد قدرتها على توفير التغطية الصحية الاجبارية لكل المواطنين. أؤكد أن هناك تقدم ملموس في مجال التغطية الصحية، و لكن هناك أيضا ضعف كبير في مجال الولوج إلى العلاجات. و لا أعتبر أن الطبيب و كل مهنيي الصحة الشرفاء و الملتزمين هم سبب أزمة الصحة في بلادنا.
قال من نطق بإسم نقابة عتيدة ،أن اعطاب قطاع الصحة العمومية لا يمكن ربطها، بالشغيلة الصحية. و يعتبر هذا الموقف صحيحا إذا لم يثبت أن بعض مكونات هذه الشغيلة تشتغل لدى أصحاب المصحات الخاصة، خلال أوقات عملها داخل المستشفى العمومي. لا يجب أن تصبح كل نقابة، كيفما كان تاريخها، واجهة لإخفاء حقيقة استفادة منخرطيها من ريع يتيحه عمل غير قانوني لدى المصحات الخاصة. و يجب على كل نقابات بلادنا أن تبين، بكل شفافية، عدد مهنيي الصحة، الذين يستفيدون من الريع النقابي عبر آليات التفرغ. و يجب على كل نقابات بلادنا أن تساهم في فضح شبكات المصحات الخاصة التي تحصل على الترخيص الرسمي دون أن تقدم بيانات تفصيلية بمواردها البشرية و المادية و التكنولوجية.
لا يمكن أن يستمر الوضع في مستشفياتنا العمومية على ما هو عليه. و يجب أن لا ننكر على السلطات الترابية القيام بدورها لمراقبة حضور الأطباء في الإقليم و الولاية. يشتكي سكان كثير من الأقاليم من هروب كثير من مهنيي الصحة من أماكن تعيينهم لأكثر من ثلاثة أيام في الأسبوع. كفى من الدفاع على تسليع الخدمات الصحية يا مناضلي النقابات. أنتم الأقرب إلى الحقيقة، و أنتم الذين تعرفون أن الولوج إلى العلاجات ترتكز أساسا على حضور الطبيب و الممرض، و المسؤولين عن مختبر التحليلات، و مهنيي آليات التصوير بكل أنواعها. كنت أتمنى أن تساند الكونفدرالية الديمقراطية للشغل كل عمل يساهم في منع إستغلال القطاع الخاص للموارد البشرية التابعة للقطاع العام. و لكن العمل النقابي، أصبح لدى البعض، حليفا لحاملي مشاريع اضعاف الولوج إلى العلاجات لكثير من الفئات الإجتماعية. أؤكد على أن كل هارب من مستشفى عمومي على حساب صحة مواطن فقير في مستشفى عمومي، يعتبر مجرما. فلتنتبه كل النقابات، لأن أشكال النضال ستتجاوزها بأساليب كثيرة لتدقيق المتابعة ، و الذكاء الاصطناعي الذي يفضح المستفيدين من الريع النقابي و السياسي.
تمر بلادنا بمرحلة صعبة في مجال تدبير القضية الإجتماعية. عبر المجتمع المغربي بكل أشكال التعبير بما فيها تعبير بعض المجرمين، و أصبح الواجب الوطني، و واجب المحللين السياسيين و الاجتماعيين استنباط وسائل البحث عن الأشكال الجديدة للوساطة السياسية و الإجتماعية. نعم نعرف أن كل الحدود الجغرافية و المؤسساتية تضعف أمام نظم المعلومات الحديثة، و لكن الأهم سيظل أخذ العبرة، و تحليل أسباب التفاوتات الإجتماعية و المجالية، و محاربة من يريد اضعاف بلادنا داخليا بالغش، و بالرشوة، و بكل أساليب الاستيلاء على الثروات. لقد شاهدنا جميعا نتائج سيطرة تجار المخدرات من الأمين، و من أشباه المتعلمين، على المؤسسات الترابية، و على قرارات التعمير، و على المؤسسة التشريعية. تسلل المال” الحرام” إلى الانتخابات، و قبل زعيم الحزب، أن يصبح ممول حملته الانتخابية تاجر مخدرات، و صاحب ثروة لا وجود لأي سبب قانوني في تضخمها. و أفهم الان. و بكثير من اليأس كيف أصبح المستفيدون من الاغتناء، غير المشروع ، يسيطرون على آليات التشريع. و لو ركزت كل النقابات على تاريخ القيادات المؤسسة للفعل السياسي، و النقابي، لاستعاد الكثير منهم الرشد و الإلتزام.