هل وزارة الإسكان بلا وزيرة؟… غضب داخل الوزارة وغياب طويل يطرح أسئلة محرجة
تفجّر، خلال اليومين الأخيرين، جدل واسع داخل وزارة إعداد التراب الوطني والإسكان والتعمير وسياسة المدينة، بعد ما نشرته يومية الأخبار حول حالة استياء غير مسبوقة تسود وسط موظفي ومديري مصالح الوزارة بسبب الغياب المتكرر للسيدة الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري، وتفويض جزء كبير من اختصاصاتها لمديرة ديوانها، التي تجمع في الوقت نفسه بين منصبها الإداري داخل الوزارة ومنصب الأمينة العامة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة الرباط.
تفويض موسّع… ووزيرة غائبة عن المشهد
وحسب المعطيات التي نقلتها اليومية، فإن الوزارة أصبحت تُدار فعلياً من طرف مديرة الديوان، التي صارت ــ وفق مصادر متعددة ــ صاحبة القرار داخل القطاعات الإدارية للوزارة، في وقت تغيب فيه الوزيرة عن مقر عملها لفترات طويلة، بدعوى ظروف صحية تتطلب علاجاً خارج أرض الوطن.
هذا الغياب المتكرر خلق ــ حسب مصادر الجريدة ــ حالة احتقان واسعة بين الموظفين ومسؤولي المديريات المركزية، الذين اشتكوا من “طريقة تعامل غير مهنية”، وصعوبات في التواصل الإداري، فضلاً عن “توجيه التعليمات وإصدار القرارات” من طرف مديرة الديوان دون سند قانوني واضح، باعتبار أن التفويض الإداري الممنوح لها ظل غير معلن للرأي العام.
من الوزارة إلى جماعة مراكش… غياب يتكرر منذ 2021
غير أن هذا الوضع لا يقتصر فقط على إدارة الوزارة، بل يتقاطع مع ما تعيشه جماعة مراكش التي ترأسها المنصوري. فمنذ 2021، ظلّت رئيسة المجلس الجماعي غائبة لشهور طويلة عن تدبير الشأن المحلي، حسب ما يؤكده أعضاء من داخل المجلس، الذين برّروا الأمر بانشغالات الوزيرة الحكومية.
لكن المفارقة اليوم أنّ الوزيرة غائبة عن الوزارة أيضاً، ما يطرح سؤالاً مشروعاً:
إذا كانت السيدة المنصوري غائبة عن الجماعة بسبب الوزارة… وغائبة عن الوزارة بسبب ظروفها الخاصة… فأين هي؟ ومن يدبّر مسؤولياتها الدستورية؟
احتقان وملفات معطّلة… والموظفون يشعرون بأن الوزارة بلا قيادة
تكشف مصادر مطلعة أن عدداً من الملفات التقنية والإدارية ظلت معلّقة لأسابيع وشهور، وأن عدداً من المديريات لم تستطع الحصول على توجيهات واضحة حول ملفات حساسة مرتبطة بالتعمير والسكن الاجتماعي وإعادة التأهيل داخل المدن العتيقة.
كما تشير التسريبات إلى أن مستشارات مقرّبات من مديرة الديوان أصبحن يتدخلن في بعض الملفات المهنية الحساسة، وهو ما أثار حفيظة مسؤولين مركزيين اعتبروا أن الوزارة تحولت إلى “إدارة حزبية داخل الدولة”، وهو سلوك يمسّ بمبدأ الحياد الإداري ومفهوم المرفق العام.
بين الشفافية والمسؤولية… هل تصبح الاستقالة خياراً محترماً؟
إذا كان غياب السيدة الوزيرة لأسباب صحية كما تم تسريبه، فإن الرأي العام يتمنى لها الشفاء العاجل. غير أن منطق الدولة الديمقراطية يفرض أن المسؤولية العمومية تستوجب الحضور والمتابعة، خصوصاً حين يتعلق الأمر بوزارة حساسة لها ارتباط مباشر بملفات التعمير والإسكان والاستثمار.
ولذلك، أصبح السؤال مطروحاً داخل الأوساط السياسية والإدارية:
هل من الأنسب، احتراما للمؤسسة وللمرفق العام، أن تتقدم الوزيرة باستقالتها إن كانت غير قادرة على مواصلة مهامها؟
فالدولة لا يمكن أن تُدار بـ”التفويض الحزبي”، ولا يمكن لوزارة بحجم وزارة الإسكان أن تظل رهينة الغياب أو التدبير غير الرسمي. كما أن جماعة مراكش، التي ظلت بدورها دون حضور فعلي لرئيستها، تحتاج إلى مسؤول/ة متفرغ/ة يسهر على تسيير شؤون المدينة.
خلاصة
الموضوع الذي فجّرته الأخبار يعيد فتح نقاش جوهري حول أخلاقيات المسؤولية العمومية، وضرورة الفصل بين الانتماء الحزبي والوظيفة الحكومية، وضمان استمرارية المرفق العام.
ويبقى السؤال مفتوحاً:
هل سيتم فتح تحقيق حكومي لكشف حقيقة الوضع داخل الوزارة؟ أم سيظل الغياب قائماً والتسيير مفوضاً لغير أصحاب الصفة؟
