آخر الأخبار

أمةٌ تُمتحَن بالغش، وتُفتِّش عن المستقبل في ورقةٍ مسرّبة!

في هذه البلاد التي تضع الوزارات “استراتيجيات وطنية” كلما تعطّل شيء، يجتاز أبناؤنا امتحانات البكالوريا تحت عيون الكاميرات، وتصريحات المسؤولين، وبلاغات التهديد والوعيد… والنتيجة؟
احتفالات جماعية بالغش، وتلميذٌ يُعامل كبطل شعبي لأنه “دوزها بذكاء خاص”.

الوزارة، في كل موسم، تعلن الحرب على الغش كما لو أنها بصدد تطهير البلاد من الفساد، بينما الفساد الحقيقي جالس في الصف الأول، يصفق، ويبتسم، وينتظر نتائجه هو الآخر!

تلميذ اليوم لم يعد يثق في دروسه، ولا في امتحانه، ولا حتى في أستاذه.
فهو يعلم أن المعدل لا يعني شيئًا في بلدٍ الشغل فيه بالمعارف، لا بالمعرفة. وأن الشهادة ليست تذكرة للكرامة، بل ورقة تُعلّق في البيت جنب شهادة الميلاد، فقط لملء الفراغ.

وفي خضم هذا العبث، نجد أنفسنا أمام تصريحات صادمة من بعض التلاميذ:

“ما قريت والو، ولكن كنت داير ترتيباتي!”
ترتيباته؟ لا تتعلق بالمراجعة، بل بتوزيع المهام، وتحديد مصادر المعلومة، والاتفاق مع “شخص في الخارج” لتأمين “الدعم التربوي عن بُعد”.

أما الحراسة، فهي مسرحية موسمية.
يدخل المراقب مترددًا بين لعب دور الشرطي أو القريب المتفهم، يتظاهر بالصرامة وهو يعلم أن القسم قد تحوّل إلى خلية مفتوحة على كل الاحتمالات.
وعندما يُضبط أحد التلاميذ متلبسًا، تبدأ حفلة الأعذار:

“آش غادي تدير ليه، راه الضغوط كثيرة، والظروف الاجتماعية صعيبة!”

لكن من المسؤول الحقيقي؟

أهو التلميذ الذي وُلد في مجتمع يُمَجّد التحايل ويحتقر الاجتهاد؟

أم الأستاذ المحبط الذي يشرح لدروس بائسة في أقسام مكتظة؟

أم منظومة التعليم التي فقدت هيبتها، وراحت تُجمّل الفشل بأرقام النجاح؟

نحن لسنا أمام أزمة تلميذ غشّاش، بل أمام مجتمع فقد الإحساس بالخجل.
جيل يتعلّم من القدوة أن القانون يُلتف عليه، وأن النجاح لا يُنتَزع بالكفاءة بل بالحيلة.

وغدًا، حين يصبح هذا التلميذ مسؤولًا، سيقف أمام الميكروفون، يتحدث عن “تكافؤ الفرص” و”المدرسة العمومية”، وسيروي تجربته بكثير من الفخر… دون أن يرمش له جفن!