آخر الأخبار

أعلام المدينة.. أحمد بن الحسن العاصمي

من خلال حوار مع نجلته الأستاذة جميلة العاصمي، مع احمد رمزي الغضبان.

فسحة نحاول من خلالها أن نقف عند ابرز أعلام مدينة مراكش وذلك من اجل مد الجسور بين الأجيال، وبالتالي من اجل التذكير بهم وبإسهاماتهم العظيمة التي أسهموا من خلالها في التأسيس لهذا الصرح الحضاري الرفيع في مختلف مجالات الفقه والعلم والتاريخ والأدب والحضارة، وخلال هذه الفسحة نقف وقفة إجلال وتقدير لنستعيد معها اسم علم من كبار أعلام مدينة مراكش الذي تخصص في العديد من العلوم والمعارف كعلم الفرائض وأصول الدين إلى جانب بروزه في العلوم العصرية أيضا كالرياضيات والتوقيت والفلك ذلكم هو العلامة الكبير والفقيه الجليل احمد بن الحسن العاصمي رحمه الله واسكنه فسيح جناته، ولنقترب أكثر من ملامح هذه الشخصية العلمية الفذة، نستضيف إلى هذه الفسحة نجلته الكريمة الأستاذة جميلة العاصمي. نستحضر، بداية، ملامح هذا الفقيه الجليل والعلامة الكبير الأستاذ احمد بن الحسن العاصمي، وهو الغني عن كل تعريف، والذي هو والدكم الأستاذة جميلة العاصمي؟؟                                                                                              والدي هو كما أشرتم احمد بن الحسن العاصمي،ولد بمدينة مراكش عام  1898،اشتهر عند أهل مراكش بالحيسوبي، وكان معروفا بمدير مدرسة الفضيلة، نشأ رحمه الله في أسرة محافظة ووطنية، وكان من سكان المدينة العتيقة من (الرحبة القديمة) إلى (روض العروس) ثــــــم ( حارة الصورة) حيث توجد مدرسته المعروفة بمدرسة الفضيلة للبنات، تعلم أصول القراءة والكتابة على أيدي ثلة من الأساتذة الأجلاء، وقد تفوق في عدة علوم في مجالات الفقه والشريعة واصول الدين وعلم المنطق وعلم الكلام وعلم التوقيت والحساب والفرائض وكذلك اللوغاريتم والفلك والتنجيم، كما كان يضع حصص التوقيت الخاصة بشهر رمضان والساعات المائية والرملية والحائطية.                                                      ونحن نستحضر ابرز المحطات في المسار العلمي لوالدكم فضيلة العلامة الشيخ احمد بن الحسن العاصمي، هل لكم ان تذكروا لنا بعض المشايخ من العلماء الذين نهل من العلوم على أيديهم .

تتلمذ رحمه الله على أيادي أساتذة من كبار مشايخ وعلماء مدينة مراكش الذين استحضر منهم الحاج المكي البوعناني، والحاج الحسين بن المكي، واحمد بن المحجوب،والشيخ محمد الدودي، والشيخ عبد السلام بن المعطي، والشيخ محمد المسفيوي، والفقيه العدل سيدي محمد بن جلون، والشيخ عبد السلام بوستة وغيرهم.

الى جانب مختلف العلوم التي بلغ فيها والدكم علو الكعب في زمانه، قد كان للعلامة الجليل احمد بن الحسن العاصمي أيضا اهتمام بالجانب التربوي مرتبطا بالجانب الوطني، فكان له السبق رحمه الله بإنشاء أول مدرسة للتعليم الحر بمدينة مراكش وهي المعلمة المتمثلة في مدرسة ( الفضيلة) التي كانت بالفعل اول بادرة تؤسس للنواة الأولى لتعليم الفتاة بمدينة مراكش؟؟                                       كان رحمه الله متحمسا لتعليم الفتاة ، وكان من أوائل أهل العلم الذين ناضلوا في هذا السبيل، وفي هذا الاتجاه عمل رحمه الله من اجل التأسيس لهذه المؤسسة التعليمية الحرة (مدرسة الفضيلة للبنات) لتعليم الفتاة اللغة العربية،ووظف فيها نخبة من خيرة الأساتذة آنذاك،وللإشارة،فقد كانت العائلات محافظات جدا لا يسمحن لبناتهم بالتعلم، وكان والدي رحمه الله يتصل بتلك العائلات ويقنع أربابها بأهمية تعلم الفتاة، واليه يرجع الفضل رحمه الله في التأسيس للأفواج الأولى من الفتيات اللائي اقبلن على التعلم، ولا زالت العديد منهن اليوم يحفظن للعلامة احمد بن الحسن العاصمي رحمه الله هذا الفضل ومن بينهن اذكر الأستاذة خديجة أولاد العربي، والأستاذة السعدية الهروني وغيرهما من تلميذات مدرسة (الفضيلة).                                                    هل تتذكرين أسماء بعض هؤلاء الأجلاء من أوائل الأساتذة الذين كانوا يدرسون بمدرسة الفضيلة للبنات؟                                                            طبعا وكان من بينهم اطر من الأساتذة التي درسنا نحن أيضا على أيديهم ومنهم أتذكر سي ناصر لعتابي، سي اديوان ،سي عبد النبي بلعادل،سي الحبيب الفرقاني،سي الصديق الغراس،الأستاذة ربيعة بنهدادة،الأستاذة مريم الشرايبي، الأستاذة لطيفة بن عبد الرازق،الأستاذة ثريا بنشقرون، الأستاذة جميلة بن جلون، الأستاذة زينب العاصمي وغير هؤلاء ممن لم تحضرني الآن أسماؤهم كثير.  مدرسة الفضيلة وتاريخها المجيد في الحقل التربوي يؤهلها ان تعتبر حقا من معالم المدينة التي لها أهميتها، من منطلقه أسألكم الأستاذة جميلة العاصمي الا تفكر أسرة (العاصمي ) العريقة في إحياء أمجاد مدرسة (الفضيلة) اعتبارا للدور الطلائعي الذي لعبته هذه المؤسسة في مختلف مجالات العلم والمعرفة وتكوين أجيال نسوية في جميع هذا الحقول، اقترح مثلا أن تتحول هذه المدرسة إلى متحف يضم ضمن مشمولاته كل ما له علاقة بجوانب العلم والتاريخ والأدب في ارتباط بأسرة آل العاصمي العريقة بمدينة مراكش؟

الفكرة كمشروع هي حاضرة ضمن اهتماماتنا،ولكن نحن ( ما كرهناش ) أن نحيي أمجاد هذه المدرسة، وان نطلع الأجيال على مختلف الأدوار الطلائعية التي قامت بها مدرسة (الفضيلة) في مختلف حقول الثقافة ونشر العلم وتاطير اجيال من الفتيات اللائي يتسنم اغلبهن اليوم مواقع الريادة في مختلف المجالات الحضارية ببلادنا،إلا أن هذا المشروع/الحلم يحتاج إلى ميزانية كبيرة، لأنها الآن قد تآكلت جدرانها وتخربت، وأسرتنا لا تمتلك الإمكانات المادية لإعادة ترميمها، أتمنى أن يلتفت المسئولون ببلادنا إلى مثل هذه البوادر الوجيهة التي ترتبط بتاريخ امة وبذاكرتها.                                                                                              طيب الأستاذة جميلة العاصمي، نلاحظ أن كبار علماء مدينة مراكش لم يكونوا يهتمون للتوثيق لأعمالهم وإخراجها، فكانت أعمالهم تظل وثائق ومخطوطات في خزاناتهم دون أن ترى النور، والدكم الكريم بدوره قد ترك  العديد من الأعمال العلمية والفكرية التي لازالت ضمن وثائقه وكراساته في أدراج مكتبه، نتحدث قليلا عن هذه الأعمال؟

بالفعل قد ترك رحمه الله أعمالا كثيرة ضمن أوراق ودفاتر وكراسات لأنه لم يكن متفرغا بصيغة كلية، فقد كان منشغلا جدا بالعمل الوطني، بحيث كان يشرف على حركة الأعمال الوطنية آنذاك داخل مدينة مراكش وخارجها،وكان هو المنسق الأساسي في هذا المجال، وإذا تعرض احدهم للاعتقال كان والدي هو الذي يراعي أفراد عائلاتهم،ويعول ذويهم وهكذا،هذا إلى جانب عامل آخر لم يترك له فرصة التفرغ لتجميع أعماله العلمية والفكرية، ويتعلق بتحمله عبء أسرته بسبب وفاة والده،إلى جانب تحمله عبء رعاية أبناء أخيه عبد القادر حسن والمهدي وحمودة الذين كانوا لازالوا بعد صغارا عند وفاة والدهم،هذا إضافة إلى مسؤولية إدارة المدرسة.

معروف أن فضيلة العلامة الأستاذ احمد بن الحسن العاصمي قد كان يمتلك خزانة هامة تعج بالعديد من المصادر والنوادر من البحوث والدراسات التي تحمل فكره ومنهجه الموزع على كثير من المعارف العلمية المختلفة التي كانت فائدتها عنده تتجلى في مادة غزيرة ذات المحتوى العلمي الموسوعي بين اجتهاد وابتكار في توجيه الدرس العلمي، وفي العلوم التطبيقية، نتحدث عن خزانة الشيخ احمد بن الحسن العاصمي؟

برغم كل انشغالاته فقد ترك رحمه الله خزانتين من أهم الخزانات الخاصة، إحداهما كانت في المدرسة والثانية كانت بالبيت ومشمولات الخزانتين قد تعرضت للضياع والإتلاف، خصوصا خلال فترات الاستعمار الفرنسي،فمرارا كان منزلنا يتعرض لهجمات مفاجئة من طرف المستعمرين بحثا عن المناشير التي كانت تكتب في منزلنا والتي كانت توزع على أفراد المقاومة،فلم يبق إلا الأقل القليل من مشمولات خزانة والدنا رحمه الله وقد ذكرت بعضها في إصداري.                             مصدركم ومرجعيتكم المعتمدة من اجل التوثيق للمسار العلمي لوالدكم المشمول بعفو الله الفقيه الجليل احمد بن الحسن العاصمي، مع ما نعرفه من شح المعلومة وقلة المراجع التي تعنى بالتوثيق لأهل العلم من أعلام مدينة مراكش؟                    اعتمدت أولا ما تبقى من مؤلفات ووثائق ضمن خزانة الوالد رحمه الله،كما حاولت الاتصال ببعض من تبقى من بعض أصدقائه الذين لازالوا على قيد الحياة منهم الأستاذ محمد الفلكي البيطار وهو احد تلامذة والدي،وبالمناسبة لابد أن اشكره لما زودني به من معلومات قيمة في الموضوع.                                                                              نتحدث قليلا عن الجانب الوطني في حياة أستاذنا الراحل العلامة سيدي احمد بن الحسن العاصمي؟  في هذا الصدد اختار والدي أن يؤسس لمنهجه الوطني معتمدا تأسيس المكتبات والمؤسسات والخلايا السرية داخل المنازل و( الفنادق ) والدكاكين والمساجد، وكان يقوم بدور المنسق بين جميع الخلايا السرية بمدينة مراكش وخارجها كما ذكرت، وكان في هذا الصدد كثير التنقل بين العديد من المدن المغربية،وكان رحمه الله قد جعل من مدرسة (الفضيلة) ملتقى للوطنيين الذين كان من بينهم الزعيم الوطني الكبير الأستاذ عبد الله إبراهيم، والحسين الورزازي، ومولاي احمد المنجرة، واحمد البقال الذي تم الحكم عليه بالإعدام، واحمد الملاخ، والفقيه الرزوقي، والفقيه حجي الذي كان يأتي من مدينة الدار البيضاء، والفقيه مبارك الغراس، والصديق الغراس، وحميد الغراس، واحمد الخياط، واحمد بن إبراهيم الحميدي، وعبد القادر حسن وغيرهم من كبار الوطنيين بالمغرب الذين كانوا يشتغلون في سرية تامة.                                                                                                                            الأستاذة جميلة العاصمي وشرف توقيع هذا اللقاء؟؟                                                       أثمن مجهوداتكم القيمة على التي تقومون بها في منبركم الإعلامي والتي تستهدف إحياء تاريخ وسير أعلام مدينة مراكش في مختلف مجالات الفكر والفقه والأدب والعلوم، وباسم أسرة آل العاصمي أشكركم جزيل الشكر على هذا الاهتمام، وأرجو لكم التوفيق.

أجرى الحوار أحمد رمزي الغضبان.