آخر الأخبار

أضواء على بعض المشكلات المهنية / هيئة المحامين بمراكش

لعل المتتبع للشأن المهني بهيئتنا، لاحظ أن المبادرات التي يشرع في إنجازها خلال عهدة انتخابية، رغم جدواها وحيويتها أحيانا، قد تتوقف أو يعاد هيكلتها بعد محطة انتخابية لاحقة. يكفي التذكير بالمراجعات الجذرية التي عرفها مسار بناء نادي تاركة مثلا و توقف برنامج تعميم النيابات في حوادث الشغل والسير ..الخ

وبغض النظر عن التكاليف المالية الإضافية ، ناهيك عن اضطراب السير المهني التضامني ، فإن المراجعات الموسمية للبرامج تمنع ترسيخ ثقافة المؤسسة وتجعل هيئتنا في وضعية من لا يراكم إنجازاته وبالنتيجة لا يحقق تقدما موازيا لما صرف من جهد ومال. لهذا فإن القطع مع عقلية الشخصنة في تدبير الشأن المهني أصبح ضرورة ملحة لتعميق ما تحقق و عند الضرورة تصحيح ما قد شابه من أعطاب ..
هذه الرؤية للشأن المهني تقتضي احتضان وتثبيت ما أنجزته هيئتنا من مكتسبات خلال العهدة المشرفة على نهايتها .. ولعل أبرز ما حققته وشكل صمام أمان نسبي ضد التحولات الجذرية غير المتوقعة ، شأن ظروف جائحة كورونا ، هو برنامج التكافل المهني . ونحن إذ نتمسك بتثبيت هذا المكسب ليس فقط من خلال التنويه بما وفره من حماية دنيا لدخل الزميلات والزملاء خلال الشهور الأولى من زمن الجائحة ولكن أيضا بالاستمرار في اعتماد إجراءات ترشيد إنفاق الهيئة وتطويره عبر آلية التدبير الشفاف لماليتها وإخضاعها لتدقيق AUDIT دوري مع الانفتاح على اقتراحات الزميلات والزملاء الرامية إلى المزيد من تقليص النفقات غير الضرورية وابتداع مصادر دخل إضافية دونما زيادة غير مبررة في أعباء التضامن المالي بين المحامين .
وطبعا ليس الهدف من التدقيق المالي الدوري تحويل خلاصاته إلى “كفارة ” عن أخطاء قد تحصل في التدبير اليومي ولكن للاستفادة من خبرة المختصين وتطوير التعامل المالي لهيئتنا .
نتطلع إلى أن تكون ثقافة التضامن المالي بين أعضاء الهيئة وسيلة فعالة لمعالجة كافة التحديات التي قد تواجه المحاميات / المحامين واعتماد آلية التوافق لتوزيع الأعباء وتحديد مساطر الاستفادة منه .
ولئن كان من الواجب تثمين والتنويه بالتغطية التعاضدية التي توفرها هيئتنا للمحامين والمحاميات إلا أنه بات من الملح توسيع هذه التغطية لتشمل العائلة الصغيرة للمحامي وتطوير واجب المشاركة ليغطي جزءا من تكاليفها مع تخصيص تعويض للزميلات اللائي يضطررن لمغادرة المكاتب مؤقتا بسبب الولادة والنفاس .
كشفت ظروف العمل المهني خلال الجائحة أن الرقمنة ليست ترفا تكنولوجيا بل ضرورة تقنية ملحة لضمان استمرارية عمل المرفق العمومي وضمنه عمل المحامي . ولعله من المفيد التذكير بأن الجهد الذي بذلته هيئتنا من خلال التعاقد مع مؤسسة تعليمية لتأهيل المحاميات والمحامين رقميا لم يحقق أهدافه لعدم التعاطي معه بالجدية اللازمة وعدم اعتباره ضرورة مهنية ملحة .
علاوة عن أن المحاكم قطعت شوطا مهما في الرقمنة– رغم نواقصه الآنية – وهو ما يفرض على المحامين على الأقل مسايرتها .. إلا أن منافع التأهيل الرقمي باتت واضحة وجلية بالنسبة لعمل المحامي لما توفره من وقت وأعباء التنقل ..ولهذا نعتقد أنه أصبح ملحا وضروريا العمل الدؤوب على تأهيل مكاتب المحامين رقميا والمساهمة في تجويد خدمات المحكمة .
كشفت التجربة أن كثيرا من المقترحات والحلول التي تشرعها الهيئة لا تجد طريقها إلى التنفيذ الجيد والكامل، رغم أهميتها ، ما لم تكن مسنودة بالعمل الجماعي لكافة أعضاء الهيئة. هذه الوضعية تقتضي الانفتاح على أفق الديمقراطية التشاركية وتمكين كل الزميلات والزملاء المهتمين بالمساهمة -المؤطرة بمقتضى النظام الداخلي -في اقتراح الحلول لمشاكل العمل المهني والسهر على تصريفها تحت إشراف مؤسسات الهيئة .
يعرف الحقل التشريعي بالمغرب تحولا مسترسلا ما فتئ يتمخض عن تشريعات جديدة أو معدلة يصعب على المحامي مسايرتها عصاميا حتى ولو كانت تؤثر مباشرة في أدائه لمهمته ومسؤوليته المهنية عنها . ولهذا أصبح من الضروري تنظيم تكوينا مستمرا إلزاميا لاستيعاب ما استجد من تشريع وإعادة هيكلة ندوة التمرين بالتركيز على البعد العملي والتطبيقي بهدف تأهيل المحامي المتمرن للنهوض بالتحديات العملية لمهنته .
يغطي عمل المحامي مهمة في رقعة عريضة تشكل أسرة العدالة . ومن الطبيعي جدا أن ينتج عن وضعية التماس والتشابك هذه مشاكل متعددة مع مختلف الفاعلين في هذه الرقعة . وبالقدر نفسه الذي يتمسك به المحامي بأهمية ومشروعية مهمته للنهوض بالعدالة يحق للأطراف الأخرى أن تدعي نفس الحق.
إن استيعاب هذه التعددية الملازمة لتحقيق العدالة يفرض أن يكون الحوار البناء منهجية ضرورية للتعامل مع مختلف الفاعلين لحصر مشاكل العمل اليومي واجتراح الحلول المناسبة لها. وبذلك سنساهم في أن تمشي أسرة العدالة بكافة أرجلها .
إذا كان الانتساب إلى هيئة المحامين بمراكش مصدر فخر واعتزاز للمحاميات والمحامين إلا أنه قد يتحول إلى مصدر عناء بالنسبة للمحامين الذين يشتغلون في نقط جغرافية بعيدة شأن ورزازات .لا يعقل أن يكون الزميل/ة مضطرا إلى الانتقال إلى مراكش لتصفية وديعته مثلا .ولهذا نقترح علاجا فوريا لهذه المشكلة باعتماد آلية التحويل البنكي وتفويض بعض صلاحيات المجلس إلى زميل منتخب لعضوية المجلس أو مقترح من قبل أغلب الزملاء العملين بورززات .. ومن جهة ثانية نقترح أن تعتمد الهيئة سياسة توطين الزملاء خاصة المتمرين بورزازات بواسطة تشجيعات يحددها مجلس الهيئة في أفق اكتمال النصاب العددي لتأسيس هيئتهم المستقلة .
لوحظ أن هيئتنا استقطبت في السنوات الأخيرة ثلة من الشباب المنحدرين عموما من الطبقة الوسطى ..تتميز بتكوين أكاديمي رفيع فضلا عن إتقانها لأكثر من لغة ومؤهلة رقميا .وإذا كان بعض الزملاء الأقدمين يأنفون مما قد تبديه هذه الثلة من أنفة حتى أن ثمة من يعدها خروجا على أعراف الهيئة إلا أن ذلك لا ينبغي أن يخفي عنا جانبها الواعد . فمن جهة إن الأمر لا يعدو تجربة تكيف مع الوسط المهني الجديد .. ومن جهة ثانية لا تلبث تلك الأنفة أن تتصرف se métamorphose لتأخذ بعد مهنيا ما أحوجنا إليه ..ولعلها ستوفر مناعة سيكولوجية أولية ضد كثير من أمراض العمل المهني .. أستطيع أن أجزم بأننا نعيش مقدمات زمن مهني جديد ستنهض به هذه الثلة مع توسعها العددي .
هذه أبرز عناوين المشروع المهني الذي ندعو الزميلات والزملاء إلى المساهمة في نقده وإغنائه .. وتمكين مقترحه من فرصة المساهمة في العمل على تنفيذه بتزكيتكم لترشيحه عبر صندوق الاقتراع .
ذ عبدالرحيم جدي