آخر الأخبار

أسعار النفط العالمية تتهاوى… والمغرب يضيّع فرصة جديدة

* حسين اليماني

تشهد أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال هذه الأيام تراجعًا ملحوظًا، حيث هبط سعر البرميل إلى ما دون 60 دولارًا أمريكيًا، في منحى تنازلي يُعزى أساسًا إلى الاحتمال القوي لوقف الحرب المتواصلة بين روسيا وأوكرانيا، وما رافق ذلك من تهدئة لمخاوف الأسواق المرتبطة بنقص الإمدادات، عقب تشديد العقوبات على تجارة النفط الروسي، إلى جانب تراجع هواجس قساوة فصل الشتاء، وبروز الآثار السلبية لقصف محطات تكرير النفط والناقلات البترولية.

وفي ظل هذا الانخفاض الكبير، كان من المفترض أن يعمد المغرب إلى تعزيز مخزوناته من النفط المكرر والنفط الخام، بما يتيح انعكاسًا إيجابيًا على أسعار المحروقات والمواد الطاقية داخليًا، ويساهم في التخفيف من الضغط على القدرة الشرائية للمواطنين، وتقليص كلفة الإنتاج بالنسبة للمقاولات الصناعية وشركات النقل.

غير أن هذه الفرصة، شأنها شأن فرص سابقة، مرشحة للضياع، كما حدث خلال جائحة كورونا حين هبط سعر البرميل إلى أقل من 20 دولارًا، دون أن ينعكس ذلك على السوق الوطنية. ويُرجع هذا الوضع، أساسًا، إلى جملة من العوامل، في مقدمتها حرمان المغرب من إمكانية تخزين النفط الخام، نتيجة التعطيل الممنهج لمصفاة المغرب، وتركها تتآكل يومًا بعد آخر، في انتظار وضع حد نهائي لنشاطها، انسجامًا مع مصالح لوبيات متحكمة في السوق ولوبيات العقار.

كما يضاف إلى ذلك عجز السلطات المعنية عن إلزام الموزعين بالوفاء بالتزاماتهم القانونية المتعلقة بتوفير المخزون الاستراتيجي، والاكتفاء ببناء صهاريج فارغة يتم تسويقها للرأي العام على أنها قدرات تخزينية، في غياب مخزونات فعلية قابلة للاستغلال. ويتزامن هذا الوضع مع فترة اضطراب الأحوال الجوية وارتفاع الأمواج البحرية، ما يعيق رسو السفن البترولية بمختلف الموانئ المغربية، ويزيد من احتمال التأثير السلبي على المخزونات التي تعاني أصلًا من الهشاشة.

ودون الحاجة إلى التذكير بالاختلالات البنيوية التي يعرفها سوق المحروقات بالمغرب، وبالأسعار المرتفعة التي مكنت بعض الشركات من توزيع الأرباح مرتين في السنة، فإن التراجع الحاد لأسعار النفط عالميًا يفرض، اليوم أكثر من أي وقت مضى، على القائمين على تدبير الشأن العام، إعادة قراءة الدور الاستراتيجي لمصفاة المغرب في مثل هذه الظرفية، وتغليب المصلحة الوطنية العليا، من خلال التحلي بالمسؤولية اللازمة لإحياء المصفاة المغربية للبترول، وإعادة تشغيل أفرانها، خدمة للاقتصاد الوطني وحماية لقدرة المواطنين الشرائية.

* الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز