مع اقتراب الدخول الجامعي، تتجدد في مراكش أزمة السكن الطلابي التي تصيب آلاف الطلبة، خصوصاً القادمين من أسر محدودة الدخل، بين المطرقة وسندان ارتفاع الأسعار وقلة البدائل.
الطلبة يشتكون من زيادات “صاروخية” في أسعار الكراء، لا تتناسب مع قدرتهم الشرائية، ما يحوّل البحث عن مسكن ملائم لمتابعة الدراسة إلى تحدٍ يفوق طاقتهم. وتتفاقم الأزمة خلال شهري شتنبر وأكتوبر، مع توافد الطلبة الجدد على المدينة، ما يزيد الضغط على العرض السكني في أحياء الداوديات والمناطق القريبة من الكليات والمعاهد.
الأحياء الجامعية الرسمية، رغم محاولاتها توفير الإيواء لفئة محددة وفق معايير اجتماعية، تعجز عن استيعاب العدد الكبير من الطلاب. العديد منهم يخرج عن دائرة الاستفادة بسبب محدودية الطاقة الاستيعابية وارتفاع المؤشر الاجتماعي، ليجدوا أنفسهم مضطرين للتوجه نحو سوق كراء غير منظم، يهيمن عليه الاحتكار وغياب أي حماية فعلية من السلطات.
شهادات طلابية تشير إلى أن كلفة الغرف تتجاوز 900 درهم شهرياً، فيما تصل تكلفة الشقق المشتركة بين أربعة طلاب إلى أكثر من 2000 درهم، ما يشكل ضغطاً حقيقياً على ميزانيات الأسر القادمين من مدن بعيدة عن مراكش.
جمعيات مدنية وفعاليات لحماية المستهلك دقت ناقوس الخطر، محذرة من تأثير ارتفاع الكراء اليومي على الأسعار الشهرية، وما قد يترتب عنه من إقصاء أعداد كبيرة من الطلاب من الدراسة في ظروف لائقة. ويشير خبراء إلى أن غياب بدائل عملية يعمق الأزمة، ويزيد من احتمال ارتفاع معدلات الهدر الجامعي، إضافة إلى الضغط الاجتماعي والاقتصادي على الأسر.
المؤشرات الحالية تؤكد أن الطلب المتزايد مقابل العرض المحدود، وضعف تنظيم السوق، يحول أزمة السكن الطلابي في مراكش إلى ظاهرة متكررة سنوياً، تؤثر مباشرة على الأداء الدراسي للطلبة واستقرار أسرهم.
الواقع يفرض البحث عن حلول عاجلة ومستدامة تشمل زيادة الطاقة الاستيعابية للأحياء الجامعية، ضبط أسعار الكراء في القطاع الخاص، وإيجاد بدائل سكنية بأسعار معقولة، قبل أن يتحول حلم التعليم الجامعي في مراكش إلى عبء ثقيل على الطلاب وأسرهم.