آخر الأخبار

أدبيات الزاوية النظيفية التيجانية لمحمد الرحماني ـ 6 ـ

المغرب بعد الاحتلال الفرنسي:

في آخر مارس 1912 أجبرت القوات الفرنسية السلطان عبد الحميد في مدينة فاس على توقيع عقد الحماية. ثم تنازل هذا السلطان لأنه بويع على شرط المحافظة على استقلال المغرب. ولكن المغرب لم يخضع كله للحكم الفرنسي. فإذا كانت السلطات الفرنسية قد فرضت سيطرتها على المدن الكبرى، فإن المقاومة وثوراتها قد انتشرت في الجبال والبوادي. وكانت شيوخ الطرق والزوايا الصوفية وقوّاد القبائل هم الذين يتزعمون تلك الثورات.  ولم يستطع الفرنسيون إخماد نيران المقاومة حتى حوالي سنة 1936. حينما تأججت مقاومة أخرى تقودها الأحزاب السياسية وصحفها ومدارسها الحرة حتى سنة 1956 حينما أُعلن استقلال المغرب.

ويورد المؤلّف إحصائية بعدد الطرق الصوفية الموجودة في المغرب سنة 1939، فيقول بوجود 23 طريقة يبلغ عدد أتباعها قرابة 30 ألف شخص، يشكلون حوالي 8 % من مجموع السكان. وحسب هذه الإحصائية فإن الطريقة التجانية في مقدمة تلك الطرق من حيث عدد الأتباع. وقد انخرط معظم الطرق في المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي.

 

إنتاج النظيفي الأدبي:

ويعلِّل المؤلِّف اختياره لدراسة النتاج الأدبي للنظيفي بأربعة أسباب هي:

ـ أن النظيفي هو من أبرز ممثلي الطريقة الصوفية التجانية في عصره، وأغزرهم إنتاجاً وتنوعاً.

ـ أن أدب النظيفي لم يخضع لدراسة نقدية أكاديمية من قبل.

ـ أن الفترة التي عاش فيها النظيفي زاخرة بالأحداث الجسام: سياسياً واجتماعياً وفكرياً.

ـ أن الطريقة التجانية التي يمثلها النظيفي لا تزال تثير الجدل حولها.

خلّف النظيفي عددا من المؤلَّفات التي طبعت في مصر. ويقسم المؤلِّف إنتاج النظيفي إلى الشعر والنثر.

ويمكن تقسيم شعر النظيفي إلى:

  1. شعر وجداني، تنحصر أغراضه في الحب الإلهي، ومدح الرسول (ص)، والحكمة.
  2. شعر تعليمي، يرمي إلى تعليم التجويد والتوحيد والنحو والصرف ولبلاغة والمنطق والأصول والتوقيت والفقه ومصطلح الحديث ومصطلح الحديث والتفسير وتاريخ الأدب.

فقصيدته ” الياقوتة الفريدة في الطريقة التجانية” تتألف من 557 بيتاً من البحر الطويل. وله ديوان يضم 150 قطعة شعرية في مدح الرسول (ص)، وله ” تخميس الوتريات” وهو تخميس لقصيدة محمد بن راشد البغدادي وتخميس قصائد البوصيري، في مدح الرسول (ص) ومحبته..  وله ” زبدة الإعراب ” في نظم قواعد الإعراب.

ولا يخرج نثر النظيفي في أغراضه عن أغراض شعره. و” لعل من أجمل كتبه النثرية كتاب ” الطيب الفائح في صلاة الفاتح” الذي ألفه في مراكش سنة 1905. ورتَّب مادة الكتاب في فقرات نثرية مسجوعة:

اللهم صلي على سيدنا محمد الفاتح لِما أُغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، والهادي إلى صراطك المستقيم، وعلى اله حق قدره ومقداره العظيم. صلاة تهب لنا بها الفوز بالقضاء، ومنازل الشهداء، وعيش السعداء، والنصر على الأعداء، ومراقبة خاتم الرسل والأنبياء، ومجاورة خاتم مراتب الأقطاب والأولياء، آمين.”

وقام المؤلف بقراءة تركيبية لمتن الكتاب لإبراز دور الأسلوب في أداء وظيفة جمالية.

بيد أن أهم كتبه النثرية كتابه الموسوم بـ ” الخريدة في شرح الياقوتة الفريدة” الذي طُبع في مصر في مجلدين وكل مجلد يضم جزأين. وقد ضمنه معلومات وافية عن تاريخ التصوف الإسلامي وأعلامه، وتناول فيه موضوعات تتصل بالسلوك الصوفي وبعدد من القضايا الاجتماعية والأخلاقية. ويُذكر أن هذا الكتاب معتمد مرجعاً حتى اليوم في الدراسات الإسلامية في كثير من الجامعات منها جامعة داكار في السنغال حيث يكثر أتباع الطريقة التجانية.