في آخر خرجة إعلامية لها، صرّحت عمدة مراكش بأن جل المشاريع الكبرى في المدينة تعرف تقدمًا ملحوظًا في الإنجاز، مستثنية فقط مشروع تهيئة طريق تاركة، وبالضبط على مستوى طريق سيد الضو، باعتباره ـ حسب قولها ـ المشروع الوحيد الذي يعرف تأخراً، بسبب “شبكات تحت أرضية قديمة وغير موثقة، لم تكن جماعة مراكش على علم بها ” !! .
وقد سبق ل ” مراكش اليوم ” أن تناولت في مقال سابق هذا الموضوع، وطرحت تساؤلاً أساسياً : كيف يمكن لمجلس جماعي مسلح بجيش من المهندسين والتقنيين، لا يعرف ما يوجد تحت الأرض في منطقة تابعة لنفوذه؟ هذا القصور، في الحقيقة، يكشف عن خلل بنيوي في التخطيط والتتبع، لا يمكن تغطيته بتبريرات تقنية.
والأخطر من ذلك، هو محاولة العمدة تقديم هذا المشروع كـ “الاستثناء”، في حين أن الواقع الميداني يعج بمشاريع متعثرة أو متوقفة دون تفسير مقنع.
ونعرض اليوم مثالاً واضحاً على ذلك مشروع تهيئة حي كنون ومجاري واد أسيل، وهو مشروع موكل لنفس الشركة التي تتكلف بأشغال طريق سيد الضو.
هذا المشروع، الذي انطلقت فيه الأشغال منذ شتنبر 2024، يعرف بدوره بطئاً شديداً وتعطلاً واضحاً، حيث لم تُحرز فيه الأشغال تقدماً يُذكر بعد مرور حوالي ثمانية أشهر.
واللافت أن هذا المشروع سبق أن تم الترويج له إعلامياً من طرف العمدة، باعتباره جزءاً من رؤية متكاملة لإعادة تأهيل الحي، وتقليص الفوارق بين التجمعات السكنية، بميزانية ضخمة بلغت 40 مليون درهم، ويشمل :
تهيئة البنية التحتية، تبليط الأزقة والشوارع، تقوية شبكة الإنارة، إنشاء جدران إسمنتية وحواجز حديدية لحماية مجرى واد أسيل.
تهيئة 5 هكتارات من الفضاءات العامة، تشمل منتزهًا رياضيًا بثلاثة ملاعب كرة قدم بالعشب الاصطناعي، ملاعب لكرة السلة والتزلج، فضاءات للعب الأطفال، وتزيين واجهات المباني.
غير أن هذا المشروع، رغم زخمه الإعلامي والميزانية المرصودة له، يعاني من نفس أعراض التعثر، ونفس البطء في الإنجاز، تماماً كما هو الحال في طريق سيد الضو. الأمر الذي يطرح سؤالاً مشروعًا :
ما القاسم المشترك بين المشروعين؟ هل هي الشركة؟ أم غياب المتابعة الصارمة من طرف الجماعة؟ أم هناك خلل في منطق تفويض المشاريع ومراقبة تنفيذها ؟
المؤكد أن الخطاب الرسمي لا يكفي وحده لبناء الثقة مع المواطنين. والمراكشيون لا يُقنعهم الكلام عن “مشروع وحيد متعثر”، في وقت يرون بأعينهم أكثر من ورش متوقف، وأكوام التراب والغبار تحاصرهم كل يوم .