إدريس المغلشي
انقلبت المعايير وتاهت الاستراتيجيات في زمن الشعبوية وروادها فلم نعد نعتمد في مقارباتنا السياسية على محللين اقتصادين ولا اساتذة باحثين ولا اهل الاختصاص .بل يكفينا فخرا ان “مول النعناع “وبدون سابق انذار استطاع بتصريحه ان يسطر لنا معالم تدبير جديدوان يصبح مرجعا اكاديميا يستشهد به . ولو رجعنا إليه الآن بعد تجربة مريرة لأخبرنا بأن تحيته إن صحت في لحظة عابرة لم تكن سوى تفاعلا في سياق مختلف. لقد ظهر جليا اننا امام تجار سياسة باعوا لنا الوهم وسوقوا لنا الأكاذيب والآن نحصد بداية هذه الحصيلة
في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم الذي مس بشكل مباشر القدرة الشرائية للمواطن، بعدما اصبح غير قادر على مجاراة سرعة هذا التحول المخيف الذي أتي على آخر ماتبقى من قوته اليومي .ومع كثرة المخططات التي اثبثت فشلها في تحقيق السيادة الغذائية على الأقل في المواد الضرورية وبات معروفا لدى الجميع ان المخطط الاخضر الذي رمانا إلى الجيل الأخضر وقد فرط في كثير من مقدرات الوطن .وكلما جاءت محطة انكشفت حقيقة تدبير وزارة الفلاحة التي لم تستطع تأمين اي شيء من الحبوب ابتداء إلى أغلى منتج يمكن ترويجه بالداخل كما بالخارج .بل اصبحنا بقدرة قادر نستورد كل شيء .وفقدنا استقلالية بعض المواد إن لم تكن كلها . وتعقدت وضعيتنا الفلاحية في ظل سوء تدبير حكومي واستهداف خارجي .
امام هذه الوضعية ولفهمها اكثر رجعت بمخيلتي الى السنوات القليلة الماضية زمن تواجد اخنوش على راس حملة انتخابية وهو يلقي بوعوده يمينا وشمالا دون ضابط اخلاقي ولارادع قانوني .وفي احدى خطبه العصماء التي تشبه لحد بعيد نكثة سوداء وهو يقدم استراتيجية التزاماته السياسية وكيف سينسينا زمن من كانوا قبله فاشار باصبعه في لقاء جهوي وهو يضبط نظارته كالعادة متطاولا في ساحة النقاش ليغطي على ارتباك ملحوظ بعدما تأكد من فوز موعود عبدت له الطريق ليخلف من سبقوه وهنا لابدمن الاشارة أن مانعيشه اليوم افضع بكثير مماودعناه ،لنعيش اسوا تدبير حكومي عرفه تاريخ السياسة في المغرب فلو تتبعنا كلامه واخضعناه للتحليل المنطقي لوجدناه مفرغا من مضمون يليق كبديلا للمرحلة .وهي ملاحظة ليست استثنائية حصرا على حزبه لوحده بل تنسحب على الكل في سياق المرافعات التي غالبا مايطغى الردعلى الزمن المطلوب فيه لتقديم الحلول المطلوبة والالتزامات وبالتالي تضيع البرامج والافكار وسط الفوضى التي لن تقدم أي اضافة في المعيش اليومي للمواطن .لاننسى كذلك أن اخنوش يخاطب فينا الذاكرة وهو بالمناسبة حين ينعث العشر سنوات بالعجاف وسوءالتدبير نتساءل اين كان هو؟ ألم يكن ضمن الحكومة وفي قطاع الفلاحة الذي نعيش نتائج تلك الاختلالات ؟ما استفزني في سياق الخطاب وظهر جليا الآن قول رئيس الحكومة شعبوي بامتياز “عندما دخلت للسوق ووجدت مول النعناع يحمل بيده اليمنى قبطةالنعناع والشيبة بيده اليسرى وهو يقول اشكرك ياوزير الفلاحة ، بارك عليا مول النعناع لي كيشكر وهو يقول راه عيينا .وهو رد على الصفوف الامامية التي لم تتوانى في اتهام مخططنا بالأسود .وكانهم لم يتناولون اي شيء .”
نقول اليوم بدون تحديد لونه كان اسودا ام لونا قزحيا.بأي ثمن يؤدي المواطن كلفة معيشته ؟ وكيف كانت البارحة وكيف اصبحت اليوم ؟ للأسف في غياب الإحساس بالمسؤولية واحترام ذكاء الشعب رأينا كيف يطغى الخطاب الشعبوي الذي يعتمد على دغدغة العواطف عوض مخاطبة العقول .كم سنحتاج من السنوات لنخرج من هذه المتاهة التي يتناوب فيها تجار السياسة على المواقع من أجل تضييع زمن التدبير السياسي دون تحقيق نتيجة؟ كيف السبيل للتخلص من هذا الوضع المأساوي الذي لاينتج سوى المآسي للأسر المغربية في عيشها اليومي .اظن أن المؤشرات واضحة وغير خافية على أحد ابتداء من المواطن وانتهاء بالفلاح . صحيح ان المغاربة في امثالهم المشهورة المتداولة تبقى ابلغ من اي قول آخر “ماتبدل صاحبك غير بما كرف منو ” ونحن نقول “الله يبدل الساعة بخير “