آخر الأخبار

مراكش بين زحف المصحات وتضارب المصالح: من يحمي الساكنة؟

في عدد من الديمقراطيات الرصينة، يُعتبر تضارب المصالح جريمة أخلاقية وقانونية تستوجب المساءلة والعزل، حمايةً للمال العام وضماناً للعدالة وتكافؤ الفرص. والمغرب بدوره لا يخرج عن هذا السياق، إذ كرّس المشرع مبدأ النزاهة والشفافية في تدبير الشأن العام، واعتبر تضارب المصالح من الأسباب الموجبة للعقوبات الإدارية وحتى الجنائية.

غير أن ما تشهده مدينة مراكش اليوم يثير الكثير من التساؤلات حول مدى الالتزام بهذه المبادئ، خصوصاً بعد تفجّر قضية إحدى المصحات الخاصة التي يتم تشييدها في خرق صارخ لضوابط التعمير والقانون، وبما يشكل ضرراً مباشراً على الساكنة المجاورة. فالمصحة التي يجري الحديث عنها لا تحترم الحد الأدنى من مسافة التراجع المفروضة قانوناً، حيث لا تتجاوز المسافة الفاصلة بينها وبين الإقامة السكنية المجاورة ستة أمتار فقط، في حين أن العلو المسموح به – بالنظر إلى أن البناية مكونة من طابق أرضي وأربعة طوابق – يقتضي تراجعاً لا يقل عن 18 متر. هذا الخرق يهدد خصوصية السكان المجاورين ويمنع عنهم أبسط الحقوق: أشعة الشمس والتهوية الطبيعية.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تجاوزت المصحة القانون بشكل سافر من خلال فتح مدخل قسم أمراض السرطان مباشرة على الممر المخصص لتدخلات الوقاية المدنية، وهو ما يشكل خطراً كبيراً في حال حدوث أي طارئ أو حريق، ويُعرض حياة المرضى والساكنة على حد سواء للخطر.

هذا الوضع يطرح سؤالاً أساسياً: من يحمي السكان؟ وهل ستتحرك رئيسة المجلس الجماعي لمراكش أو الوالي لوضع حد لهذه الخروقات الواضحة ورفع الضرر عن المواطنين؟
كما يفتح هذا الملف الباب على مصراعيه للحديث عن شبهة تضارب المصالح التي تحيط بالمشروع.

إن حماية المدينة من مشاريع غير قانونية لا تلتزم بمبادئ الشفافية والعدالة العمرانية، هو مسؤولية مشتركة بين السلطات المحلية ومؤسسات الرقابة والمجتمع المدني.
فهل ننتظر كارثة حتى نتحرك؟ أم أن هناك من يملك الشجاعة لكبح جماح من يعبث بمصالح المواطنين من موقع المسؤولية والنفوذ ؟