قبل أن تنتهي سنة 2018 ستخلف ولا شك مزيدا من الضحايا منهم حتى الذين سيحتفلون باستقبال أختها 2019 بحفاوة قد تتجاوز حدود التهور وكأنها تنتقم منهم لما يبدونه من فرحة زائدة بتغيير جلبابها لتنال إسما آخر هو العام الجديد تظيفه إلى رصيدها لتواصل عملياتها في القتل وإزهاق الأرواح البريئة كما وقع في (إمليل) البلدة العالية المسالمة الهادئة التي لم تزداد ومعها الشعب المغربي الا صمودا وإصرارا على العمل من أجل قلع الإرهاب الأعمى من جذوره ولم تزد الجريمة التي كان مسرحها (إمليل) والمغرب الا تلاحما ووحدة وراء جلالة الملك لمواصلة البناء .
2018 قتل خلالها ملايين البشر من أطفال ونساء وشيوخ وشباب ، تعددت الأسباب – بدون مبررات او شرع – والموت واحد في كل من فلسطين والعراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها من أرضنا العربية وفي جهات أخرى من العالم . دمرت مساجد يذكر فيها إسم الله ، ومدارس يبنى فيها الإنسان وتدرس فيها قواعد محاربة الجهل والكراهية ، ومستشفيات تحمي الحياة وتبلسم الآلام والجراح .صرفت الملايير من أجل القتل والتدمير والإرهاب بدل تخصيصها للبناء والتشييد ورفاهية وسعادة الإنسان في كل مكان ، كذلك اغتيل رجال إعلام نزهاء لان بعضهم ينقل الحقيقة ويناصر الحق والعدل . هذا قليل من كثير مما اقترفته سنة 2018 في حق الإنسان إضافة الى أصناف من اوجاع لا تنتهي من بينها البطالة والغلاء والقهر والظلم وتعليمات البنك الدولي وفي أحسن الأحوال إلى الإهمال والنسيان واللامبالاة قد تكون قاتلة أكثر من القتل نفسه .
لقد تم تقسيم الزمان إلى سنوات وشهور وأسابيع وساعات بل إلى دقائق وثوان ليمكن التحكم في الوقت الذي قيل فيه وفي جبروته : (الوقت كالسيف إذا لم تقطعه قطعك) ، لأن التحكم في المجزء اسهل . لا مجال للشك في أن الوقت هو الذي يقطع الإنسان . نتحدث عن بداية السنة ونهايتها بينما بداية الزمان ونهايته (نهاية العالم ونهاية السير) هما بأمر وعلم الله تعالى وحده ، أما الباقي فهو عبارة عن تفاصيل يظل البشر أحد عناصرها الذي يظلم ويعتدي ويسيئ ولا يعدل الإ قليلا قبل أن يقطعه الزمان وتحوله الأيام الى رفاة ثم إلى لا شيئ . قال الشاعر : أين القبور من عهد عاد ؟ طفت من باب الإطلاع على بعض المخبزات ورأيت كيف استعد الناس من حولنا للإحتفال بحلول السنة الميلادية الجديدة من تحضير مختلف أنواع الحلوى خاصة وأن أرباب المخابز يكسبون أكثر من صناعة الحلويات ، رأيت كذلك من أضاء شجرة عيد الميلاد بمختلف المصابح الملونة وهو لا علاقة له بالشجرة المقدسة ، أما الفنادق والمطاعم وكثيرا من الدور فهي تعيش طقوسا أخرى . لست في حاجة الى أن استحضر كيف تكون الشوارع غاصة مما يستدعي وضع الحواجز وتحويل السير إلى غير ذلك من الإجراءات النظامية التي تصاحب مظاهر الفرح التي تبعث رسالة قوية إلى كل إرهابي مقيت مفاذها أن المغرب قوي ويتقوى يوما بعد يوم . من حقنا أن نحتفل ونفرح ونسعد كغيرنا في كل بقاع العالم . ورغم ذلك فأنا وكثير من أمثالي فضلنا كعادتنا اللجوء في هذا الجو البارد إلى دفء الغطاء (ما يطلق عليه المالطا الوفية) في انتظار بزوغ فجر جديد يحمل معه بشرى تحقيق المزيد من الآمال والطموحات . الحمد لله الذي خلقنا في أرض المغرب الطيبة وجعلنا (ملوكا أكثر من الملك) (وهدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) .
نستقبل إذن بعد لحظات معدودة شطر الزمان المسمى 2019 بالأمل في أن يكون رحيما بنا وبالإنسانية جمعاء لنتمكن من العيش في أمن وأمان ومحبة متبادلة بدون كراهية أو عدوان أو إرهاب يخرج من رحم فتاوى الجاهلين الناشرين للأفكار الظلامية الدخيلة على أمتنا ومجتمعاتنا ، وهي أفكار عابرة للقارات والعقول والاديان .
نتمنى أن يكون كل يوم قادم طالع يمن وخير وبركة على شعبنا الأبي وعلى اهلنا وأصدقائنا ومعارفنا وليس مرة واحدة في السنة كما تعودنا على ذلك .
حفظ الله جلالة الملك محمد السادس ونصره ومتعه بالصحة والعافية وسائر أفراد أسرته الكريمة .
بقلم الاستاذ الحسين بوهروال