آخر الأخبار

الــشـيـخ مـصـطـفـى الـبـحـيـاوي

المبارك الگنوني

العِلْم رَحِم بيْن أَهلِه، فَأهلاً بِك أيها المتتبع اللبيب، مُفيدَاً وَمستفيدا،،مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدى،ملازما للأمَانَةِ العِلْمِيةِ، مسْتشعِرَاً أَن: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]

من أقوال الشيخ مصطفى البحياوي :

في كل قهر جَلِي هناك لُطف خفي، فالذي قال: {وإن كنا لَمُبتَلين} هو نفسه جل في علاه القائل: {وما كُنا عن الخلق غافلين}

رأى الشيخ العلامة، مصطفى بن أحمد بن عبد الرحمن البحياوي (نسبة إلى أبي يحيى البصير دفين الحدرة بمنطقة دكالة المغربية) الإدريسي الحسني، النور بمدينة مراكش في مطلع الخمسينات (1950) حيث تلقى تعليمه. وقد لعب الوسط العائلي الذي ولد فيه دورا بارزا في تكوين شخصيته العلمية والفكرية، فوالده كان إماما وخطيبا وصاحب مقرأة قرآنية بمسجد أبي عمرو القسطلي بمراكش. وقد كان بيت والد الشيخ مصطفى البحياوي، بمثابة ملتقى يتردد عليه نخبة من العلماء والقراء وطلبة العلم، فتهيأ للشيخ بفضل ذلك مجالسة كبار علماء مراكش والأخذ عنهم ومناقشتهم والاستفادة من مناظراتهم العلمية والأدبية وحضور دروسهم الخاصة والعامة.

كان منذ طفولته المبكرة يقرأ القرآن بالقراءات، ويهمش اللوح في الأسفل بالنصاص؛ أي بمجموعة من المتون التي كان يحفظها في اللغة والفقه والعقيدة. فقد حفظ إذن القرآن الكريم في سن مبكرة على يد والده بروايتي قالون وورش وأخذ عنه مبادئ العلوم من عربية وفقه، وتفسير وأداء، وقد كانت له ذاكرة قوية في الحفظ والاستيعاب مما جعل بعض أقرانه يطلقون عليه لقب “الناسخ” لأنه إذا نظر في الصفحة طبعت في دماغه.

بعد وفاة والده، وهو في الباكالوريا، تولى الشيخ مصطفى البحياوي، الإمامة والخطابة من بعده وجلس مجلسه للإقراء بمراكش. ولما اجتاز الباكلوريا التحق بمدرسة المعلمين وتخرج الأول على دفعته. ثم توجه للتدريس بجبال الأطلس مدة ثلاث سنوات، بعد ذلك التحق بالمركز الجهوي للدراسات اللغوية والأدبية بمراكش بعد أن نجح في مباراة الولوج، فكان ذلك سببا في عودته مرة أخرى إلى مدينة مراكش. وبالتوازي مع ذلك، التحق الشيخ بالكلية لدراسة الفلسفة في الرباط ليتابع دراسته الجامعية عن بعد، فكان يجمع بين التدريس في دار القرآن والإقراء في مقرأة والده والوظيفة والدراسة في المركز التربوي الجهوي للدراسات اللغوية ويحضر المحاضرات في الكلية.

بعد التخرج من المركز التربوي الجهوي بعد سنتين، عين أستاذا للغة العربية في مؤسستي ابن عبدون وعمر بن الخطاب في مدينتي واد زم وخريبكة. ولما حصل على الإجازة في الفلسفة في موضوع: “العلة في القياس الفقهي والحد الأوسط الأرسطي”، عين أستاذاً للفكر الإسلامي والتربية الإسلامية في ثانوية يوسف بن تاشفين والتي درس فيها حوالي سبع سنوات، وقد كان خلالها يحاضر بجامعة القاضي عياض –مراكش– في العقيدة وحوار الأديان.

وخلال بداية الثمانينات- تقدم الشيخ البحياوي لاجتياز المباراة الوطنية للتفتيش بالرباط، فتم قبوله واحداً من بين عشرة من كل المغرب للالتحاق بمركز تكوين مفتشي التعليم بالرباط لمدة سنتين فانتقل بموجب ذلك إلى الرباط، حيث ساهم في فتح مدرسة قرآنية تخرج منها العديد من طلاب العلم، كما كان له مجلسان للتدريس في منطقة باب الحد (وسط مدينة العاصمة الرباط) كان يرتادهما العديد من طلاب العلم. وخلال سنتي التكوين في سلك المفتشين، حصل الشيخ في ذات الوقت على شهادة “دبلوم الدراسات العليا” (الماستر)، في الدراسات القرآنية من دار الحديث الحسنية ببحثين: الأول حول “مناهج دراسة النص القرآني”، والثاني حول “المسك الأذفر فيما خالف فيه نافع أبا جعفر”. وتم تعيينه فور تخرجه من المركز مفتشا عاما على جهة الشمال ومشرفا على التعليم الأصيل واللغة العربية بكل من أقاليم طنجة وشفشاون وتطوان لمدة ثلاث سنوات، إلى أن استقر به الأمر في مدينة طنجة ، حيث مازل مستقرا إلى حدود اليوم. وأسس خلال هذه الفترة بطنجة معهد الإمام الشاطبي للقرآن الكريم وعلومه الذي يديره إلى الآن، والذي خرج وما زال يخرِج الأفواج من الحفظة والأئمة وطلاب العلم. عالم قراءات متقن، متمكن من فنون عديدة، وقد شهد بفضله وعلمه الكثير من أهل العلم وتخرج على يديه ثلة من القراء والمشايخ والدعاة وطلبة العلم والفضلاء في مراكش وطنجة وغيرهما من داخل المغرب وخارجه.

ومنذ سنوات يتصدر الشيخ المصطفى البحياوي كرسي الإمام ابن عطية في التفسير، وهو الكرسي الذي استحدث من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في إطار “الكراسي العلمية” في نسختها الثالثة. وهو أيضا أستاذ ب”معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية” بالرباط، يدرس فيه الدرة والشاطبية.
ومن بين المشايخ والأساتذة الذين أخذ عنهم الشيخ وتأثر بهم في مرحلة الطلب الأول على سبيل الذكر لا الحصر:

فضيلة الشيخ الفقيه السباعي الكنتاوي قرأ عليه الفقه المالكي، وفضيلة الشيخ المقرئ عمر بن إسماعيل قرأ عليه مبادئ علم التجويد ودرس عليه الجزرية ونظم ابن بري في مقرأ الإمام نافع، وفضيلة الشيخ اسميج الضرير قرأ عليه المنطق والعقيدة، وفضيلة العلامة اللغوي الفاروقي الرحالي حضر له مجالس الجامع الصحيح إلى كتاب المغازي، وقد ارتبط الشيخ به وتأثر كثيراً بأسلوبه ومنهجه. كما درس على الشيخ عبد السلام المسفيوي السيرة، وعلى الشيخ أحمد أملاح النحو والعربية وأبوابا من حاشية الشيخ خليل في الفقه المالكي في زاوية ابي العباس السبتي بمراكش.ومن شيوخ العلامة البحياوي في القراءات الشيخ عبد الفتاح القاضي والشيخ عبد الفتاح بن السيد المرصفي والشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف شيخ عموم المقارئ المصرية في وقته، والشيخ الضرير سعيد العبد الله الحموي. وطلب علم الحديث على الشيخ المحدث سيدي عبد العزيز بن الصديق الغماري والشيخ المحدث سيدي عبد الله بن الصديق الغماري.

هذه بعض مؤلفات العلامة الشيخ مصطفى البحياوي:روض الإلهيات من خلال مقاطع الجلالة في الآي البينات.مدارج الوصل بنبي العدل والفضل.وجهة القاصد لاستشراف أفق المقاصد.الدليل الأوفق إلى رواية ورش عن نافع من طريق الأزرق تقريب مورد الظمآن في فن ضبط القرآن.أنظام في تراجم البخاري: كتاب التوحيد والإيمان.نظم في مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم.تكميل نظم العلامة ناصر الدين أبي العباس أحمد بن محمد المالكي الإسكندراني المعروف بابن المنير المسمى “التيسير العجيب في تفسير الغريب”.